والحاصل أن هذه الأخبار ونظائرها - مضافا إلى ضعف سندها المانع من نهوضها في مقابل الأدلة القطعية الحاكمة بالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة حكم الإسلام - أن الظاهر كون بعضها من مختلقات أو تحريفات أيادي حكام الجور ومرتزقتهم، حيث واجهوا قيام بعض العلويين واتجاه الناس إليهم، فأرادوا بهذه الوسيلة قطع رجائهم وإبعادهم عن ميدان السياسة. وبعضها خاص بأصحاب الرايات الضالة الذين كانوا يدعون الناس إلى أنفسهم. وبعضها ناظر إلى شخص معين أو ظرف حيث لا توجد مقدمات القيام وشروطه. وبعضها صادر عن تقية من حكام الجور. وبعضها ليس في مقام بيان الحكم الشرعي، بل متضمن لإخبار غيبي فقط. إلى غير ذلك من الوجوه التي مرت أو تأتي في الروايات الآتية.
الثالثة: خبر سدير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) " يا سدير الزم بيتك وكن حلسا من أحلاسه واسكن ما سكن الليل والنهار، فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك " (1) بتقريب أن سديرا لا خصوصية له، فيجب السكوت وترك الخروج إلى قيام القائم (عليه السلام). ولكن إلغاء الخصوصية في سدير (رضي الله عنه) ممنوع بعد تتبع حاله الذي يدل على أنه كان مخلصا ولكنه يغلب إحساسه على تفكيره، وكان يظن قدرة الإمام على الخروج، فأراد الإمام (عليه السلام) بيان عدم تحقق الشروط للقيام، وأن العلامة للقائم بالحق خروج السفياني. والواجب على مثل هذا الشخص لزوم بيته، لئلا يهلك نفسه وغيره بلا فائدة.
ففي تنقيح المقال أنه " ذكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) سدير فقال: سدير عصيدة