نظام الحكم في الإسلام - الشيخ المنتظري - الصفحة ١٦٧
إذنهم. وللناس أن ينتخبوا الفرد الأصلح ويولوه على أنفسهم (1)، بل يجب ذلك بعدما حكم العقل بأن المجتمع لابد له من نظام وحكم.
3 - استمرار سيرة العقلاء في جميع الأعصار والظروف على الاهتمام بإقامة
(١) قد ناقش بعض الفضلاء في هذا الوجه وقال: " إن للإنسان سلطة على نفسه وقواه وأفعاله وليس له سلطة على هذه السلطة حتى يولي غيره ويجعله وليا على نفسه بل لا يمكن ذلك ".
ويرد هذا الكلام بوجوه:
الأول: أن معنى سلطة الإنسان على نفسه وقواه وأفعاله هو أن تكون له قدرة واختيار بنفس ذاته بحيث يفعل ما يشاء، لا بمعنى أن له سلطة أخرى على هذه السلطة لأنه يتسلسل.
الثاني: أنه ليس المراد بالتولي (أي انتخاب الولي) جعل الإنسان ولايته وسلطته على نفسه للولي تكوينا؛ لأنه غير ممكن، بل يراد به أنه كما يمكن أن يجعل ما له من القوة على إتيان الأفعال تحت حاكمية عقله، يمكن أن يجعله تحت حاكمية الفقيه الواجد لشرائط الحكم، بالبيعة، فيسمع له ويطيعه في مدة معينة، وموارد معلومة بحيث روعي مصالحه؛ كما يمكن أن يجعله تحت حاكمية هوى نفسه أو فاسق جبار.
فبالبيعة يكون المبايع مطيعا للمبايع له بخلاف الوكالة فإنها ليست كذلك بل الوكيل مطيع للموكل. وهذا أحد الفروق بين العقد الموجد للولاية والعقد الموجد للوكالة.
الثالث: جرت سيرة العقلاء، حتى في البلاد غير الإسلامية على جعل سلطتهم بالمعنى المذكور لغيرهم في مختلف المجالات، فإن تصرف رئيس الجمهورية أو المجلس، أو القضاة في دمائهم وأموالهم وحرياتهم ليس إلا من حيث أنهم صاروا مسلطين على الناس بأخذ أصواتهم.
الرابع: أليس قد وجدت ولاية الزوج على زوجته بعقد النكاح عند جميع الفقهاء؟
وكذلك الأمر في قاضي التحكيم فإنه برجوع المتخاصمين إليه يوجد له نحو ولاية لم تكن للقاضي قبل رجوعهما إليه.
الخامس: القرآن يصرح بإمكان اتخاذ الإنسان وليا لنفسه إما " الله " أو " الشيطان " كما قال الله - تعالى -: (من يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا) (النساء 4:
119).
وقال أيضا: (قل أغير الله أتخذ وليا) (الأنعام 6: 14) وظاهر الاتخاذ أنه عمل اختياري.
والمراد بالولي في الآيتين هو من يطاع أمره ونهيه وليس بمعنى الحبيب - م -.