وقد اختلف فقهاء العامة في الصابئين ومن ضارعهم في الكفر سوى ما ذكرناه من الثلاثة الأصناف.
فقال مالك بن أنس والأوزاعي: كل دين بعد دين الإسلام سوى اليهودية والنصرانية فهو مجوسية وحكم أهله حكم المجوس.
وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: الصابئون مجوس. وقال الشافعي وجماعة من أهل العراق حكمهم حكم المجوس. وقال بعض أهل العراق: حكمهم حكم النصارى.
فأما نحن فلا نجاوز بإيجاب الجزية على غير من عددناه، لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيهم والتوقيف الوارد عنه في أحكامهم. وقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: " المجوس إنما ألحقوا باليهود والنصارى في الجزية والديات لأنه قد كان لهم فيما مضى كتاب "... " (1).
أقول: لعل ابتلاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عصره كان باليهود والنصارى والمجوس، فيشكل الاستدلال بسنته وعمله في أخذ الجزية منهم على عدم جواز الأخذ من غيرهم ممن ادعى الكتاب.
وتعليل أمير المؤمنين (عليه السلام) لإلحاق المجوس باليهود والنصارى بأنه قد كان لهم فيما مضى كتاب، يقتضي كفاية وجود الكتاب فيما مضى في الإلحاق حكما وإن فرض تحريفه والالتزام بالعقائد الفاسدة، كما نعتقد بالتحريف في التوراة والإنجيل وفساد الاعتقاد بالأقانيم الثلاثة.
وفي الجواهر: " وأما الصابئون فعن ابن الجنيد التصريح بأخذ الجزية منهم والإقرار على دينهم ولا بأس به إن كانوا من إحدى الفرق الثلاث... " (2).