الله - عز وجل - في أول السورة التي يذكر فيها الذين كفروا فقص قصتهم ثم قال:
(فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها).
فإما قوله: " فإما منا بعد " يعني بعد السبي منهم، " وإما فداء " يعني المفاداة بينهم وبين أهل الإسلام. فهؤلاء لن يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام، ولا تحل لنا مناكحتهم ما داموا في دار الحرب " (1).
6 - وعن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، قال: " سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن المجوس أكان لهم نبي؟ فقال: نعم. أما بلغك كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أهل مكة: أن أسلموا وإلا نابذتكم بحرب. فكتبوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أن خذ منا الجزية ودعنا على عبادة الأوثان. فكتب إليهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، فكتبوا إليه - يريدون بذلك تكذيبه -: زعمت أنك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب ثم أخذت الجزية من مجوس هجر. فكتب إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
أن المجوس كان لهم نبي فقتلوه وكتاب أحرقوه، أتاهم نبيهم بكتابهم في اثنى عشر ألف جلد ثور " (2).
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب " هل هو حكم إلهي كلي فلا يجوز التخلف عنه، أو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما أنه كان حاكما على المسلمين في عصره لم ير أخذها صلاحا إلا من أهل الكتاب فلا ينافي ذلك أخذ الأئمة والحكام بعده ولو من غيرهم إذا رأوا في ذلك مصلحة للإسلام والمسلمين؟
كل محتمل. بل لعل ظاهر التعبير هو الثاني (3).