إيكال الأمر إلى الغير قد يكون بالإذن له فقط، وقد يكون بالاستنابة بأن يكون النائب وجودا تنزيليا للمنوب عنه وكأن العمل عمل المنوب عنه، وقد يكون بأحداث الولاية والسلطة المستقلة للغير مع قبوله.
والأول ليس عقدا، والثاني عقد جائز على ما ادعوه من الاجماع، وأما الثالث فلا دليل على جوازه بل إطلاق قوله - تعالى -: ﴿أوفوا بالعقود﴾ (1) يقتضي لزومه.
وقد مر في البحث عن البيعة أنها والبيع من باب واحد، فحكمها حكمه والبيع لازم قطعا. وطبع الولاية أيضا يقتضي اللزوم والثبات وإلا لم يتحقق النظام.
وسيرة العقلاء أيضا استقرت على ترتيب آثار اللزوم عليها، بحيث يذمون الناقض لها - اللهم إلا مع تخلف الوالي عن تكاليفه وتعهداته -. نعم، لو كان الانتخاب موقتا فالولاية تنقضي بانقضاء الوقت، كما لا يخفى.
المسألة 15 - هل يشترط في الناخب شرط خاص، أو أن الانتخاب حق لكل مسلم مميز، بل وغير المسلمين أيضا إذا كانوا في بلاد المسلمين؟
أقول: حيث إن الإمام المنتخب يشترط فيه الفقاهة والعدالة والسياسة ونحوها كما مر، يقرب إلى الذهن اشتراط كون الناخب عادلا ملتزما مطلعا على أحوال الرجال وأوصافهم. وإلا آلت القدرة إلى أهل الجور والفساد كما نشاهده في أكثر البلاد. وقد مرت الروايات الدالة على كون الشورى والبيعة والرأي للمهاجرين والأنصار، أو لأهل المدينة، أو للبدريين، أو لأهل الحجى والفضل.
وما ذلك إلا لأنهم أهل الخبرة بسنن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهدافه، وإلا فليس لمدينة يثرب بما هي هي خصوصية بلا إشكال. وفي أعصارنا يمكن حل المشكلة بأن يحال تشخيص صلاحية المرشحين على هيئة المحافظة على الدستور وهم فقهاء عدول