ومن قوة حافظة للنظام، ومانعة من التعدي.
ولو فرض محالا أو نادرا تحقق الرشد الأخلاقي في جميع أفراد البشر والتناصف والايثار بينهم، فالاحتياج إلى نظام يدبر أمورهم ويؤمن حاجاتهم - من جلب الأرزاق وتأمين الأمور الصحية والتعليم والتربية والمواصلات وإيجاد الطرق وسائر المؤسسات الرفاهية، وجباية الضرائب، لتأمينها - مما لا يقبل الانكار. ولا يختص هذا بمصر دون مصر، أو عصر دون عصر، أو ظرف دون ظرف. فلا يجوز للشارع الحكيم اللطيف بالأمة الإسلامية إهمال هذه المهمة وعدم تعيين واجب المسلمين بالنسبة إلى أصلها وشرائطها وحدودها في عصر الغيبة، لعدم تفاوت الأزمنة في ذلك.
فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن الله - تبارك وتعالى - أنزل في القرآن تبيان كل شئ، حتى - والله - ما ترك الله شيئا يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد يقول:
لو كان هذا أنزل في القرآن، إلا وقد أنزله الله فيه... " (1).
وعنه (عليه السلام) أيضا قال: سمعته يقول: " ما من شئ إلا وفيه كتاب أو سنة " (2).
فإذا فرض أن الإسلام لم يهمل مثل أرش الخدش والجلدة ونصف الجلدة، فكيف يهمل ما فيه نظم أمر الأمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) أو في عصر الغيبة؟
الدليل الثالث ما رواه الفضل بن شاذان وفيه: " فإن قال: فلم جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم؟ قيل: لعلل كثيرة:
منها: أن الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد،