الفصل الخامس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإدارة الحسبة الظاهر أن المراد بالمعروف في هذا الباب مطلق ما يستحسنه العقل أو الشرع من الواجب والمندوب بل وبعض المباحات الراجحة لجهة من الجهات الراجعة إلى مصالح المجتمع.
والمراد بالمنكر مطلق ما يستنكره العقل أو الشرع، محرما كان أو مكروها، أو مباحا له حزازة عرضية لجهة من الجهات، إذ رب أمر لا يكون بالذات محرما ولكن مصالح المجتمع والبلاد تقتضي تحديد حريات الأفراد بالنسبة إليه.
فنقول: في المسألة جهات من البحث:
الأولى: في أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الفرائض الشرعية، بل يحكم بوجوبهما العقل أيضا.
اعلم أنهما من أهم الفرائض التي حث عليها الكتاب والسنة، وعليهما يبتنى بقاء أساس الدين، وحفظ نظام المسلمين وكيانهم.
والسر في ذلك أن الفرد من أفراد المجتمع ليس منعزلا عن غيره منفردا في المسير والمصير، بل يتأثر بعضه ببعض في العقائد والأخلاق والأعمال بلا إشكال.
وانحراف الفرد كما يضر بشخصه يضر بالمجتمع أيضا، فيحكم العقل بلزوم الرقابة العامة وحفظ المجتمع عن الفساد مهما أمكن.