الشخص بتدبير الأمور وسياسة البلاد وهي ليست ميزة واثرة، بل هي مجرد وظيفة ومسؤولية خطيرة، ولا فرق في ذلك بين النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) بل والفقيه الجامع للشرائط الذي تحمل هذه المسؤولية، فله وعليه مثل ما لهم وعليهم فيما يرجع إلى الوظائف السياسية. فهل لأحد أن يحتمل مثلا أن النبي (صلى الله عليه وآله) يجلد الزاني مأة جلدة والفقيه يجلده أقل من ذلك؟ أو أن النبي (صلى الله عليه وآله) له أن يعين الامراء والقضاة للبلاد والفقيه ليس له ذلك؟ إلى غير ذلك من وظائف الولاة.
هذا غاية تقريب الاستدلال بالحديث الشريف، ولكن في النفس منه شئ فان قوله (عليه السلام) " فيعلمونها الناس من بعدي " له ظهور قوي في تحديد الخلافة وان الغرض منها هو الخلافة عنه (صلى الله عليه وآله) في التعليم والتبليغ. فاثبات الخلافة عنه (صلى الله عليه وآله) في الولاية والقضاء يحتاج إلى دليل أقوى من ذلك.
4 - حديث " العلماء ورثة الأنبياء " وما يقرب منه:
رواه في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة.. وأن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر " (1) والرواية ببعض طرقها صحيحة.
وفي نهج البلاغة: " وقال (عليه السلام): إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به " (2).
وتقريب الاستدلال بهذه الروايات أن كون العلماء ورثة الأنبياء أو أولى الناس بهم أو كالأنبياء، يقتضي أن ينتقل إليهم كل ما كان للأنبياء من الشؤون إلا ما ثبت عدم صحة انتقاله أو عدم انتقاله، فاطلاق الروايات يقتضي انتقال الولاية