وقال أبو يعلى الفراء: " والتعزير لا يوجب ضمان ما حدث عنه من التلف، وكذلك المعلم إذا ضرب صبيا أدبا معهودا في العرف فأفضى إلى تلفه، وكذلك الزوج إذا ضرب عند النشوز وتلفت فلا ضمان عليه... " (1).
فهذه بعض كلمات العلماء من الفريقين، ويظهر منهم التسالم على عدم الضمان في الحدود المقدرة إلا مع التعدي، وإنما وقع النزاع في التعازير والتأديبات. والفارق بينهما هو أن الحد المصطلح له مقدار معين، فإذا أجراه الحاكم المأمور بإجرائه بلا تعد وتفريط فلا يتصور وجه لضمانه، لأن الحكم من قبل الله - تعالى - وهو ممتثل لأمره - تعالى -.
وإما التعزير والتأديب فحيث لم يقدر لهما مقدار خاص بل الحاكم أو الوالي هو الذي يعين حدهما ومقدارهما والغرض هو الأدب مع حفظ موضوعه وسلامته فيمكن أن يقال فيهما إن الموت مستند إلى خطأه واشتباهه في تعيين المقدار، فيثبت الضمان وإن كان استقرار ضمان الحاكم على بيت مال المسلمين لا على نفسه.
وأما أخبار المسألة فهي طائفتان:
الأولى: ما دلت على عدم الدية فيما قتله الحد أو القصاص مطلقا:
1 - صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " أيما رجل قتله الحد أو القصاص فلا دية له " (2).
2 - خبر معلى بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من قتله القصاص أو الحد لم يكن له دية " (3).