ولكن قد يتوهم أن قوله - تعالى -: ﴿يا أيها الذين آمنوا، عليكم أنفسكم. لا يضركم من ضل إذا اهتديتم...﴾ (1) يدل على أن الإنسان إذا لزم بيته وأصلح نفسه فلا يبال بما يقع في المجتمع من الفساد والضلال.
وفيه أنه لا يمكن رفع اليد عن الآيات الكثيرة، والأخبار المتواترة، وإجماع المسلمين بهذا الظهور المتوهم. بل الظاهر أن المقصود بالآية بيان أنه إذا فرض ضلال أفراد المجتمع أو بعضهم فليس للإنسان أن يجعل نفسه تابعا لهم كما هو المتعارف في أكثر المجتمعات، بل يجب على كل فرد أن يستقل في فكره وإرادته ويعمل بوظائفه المقررة من قبل الله، التي من أهمها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وإذا فعل ذلك نفعه هداه قهرا ولم يضره ضلال من ضل.
الخامسة: في وجوب إنكار العامة على الخاصة وتغيير المنكر عليهم إذا علموا به:
عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" إن الله لا يعذب العامة بذنب الخاصة إذا عملت الخاصة بالمنكر سرا من غير أن تعلم العامة، فإذا عملت الخاصة بالمنكر جهارا فلم تغير ذلك العامة استوجب الفريقان العقوبة من الله - عز وجل -. " (2).
وعن عدي، يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إن الله - عز وجل - لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة " (3).
إلى غير ذلك من الأخبار الواردة بهذا المضمون. ويظهر منها أن تكليف