مقتضى الأصل وحكم العقل في المسألة:
قالوا في مقام تأسيس الأصل في مسألة الولاية: إن الأصل عدم ولاية أحد على أحد وعدم نفوذ حكمه فيه، فإن أفراد الناس خلقوا أحرارا مستقلين، وهم بحسب الفطرة مسلطون على أنفسهم وما اكتسبوه، فالتصرف في شؤونهم وأموالهم ظلم وتعد عليهم. وتفاوتهم في العقل والعلم والطاقات ونحوها لا يوجب ولاية بعضهم على بعض ولزوم التسليم له. قال علي (عليه السلام): " لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا " (1) إلا أن يناقش بأن الولاية على الناس تدبير لأمورهم وجبر لنقصهم، وهذا غير الاستعباد.
هذا، ولكن توجد أمور أخر في قبال ذلك الأصل يحكم بها العقل، ولعل لها نحو حكومة عليه:
الأول: أنه لا شك أن الله - تعالى - خالق لنا ولكل شئ، وله أن يتصرف في جميع شؤون خلقه، وهو عليم بما يصلحهم في دينهم ودنياهم وحاضرهم ومستقبلهم. والإنسان في قباله مهما بلغ من العلم والمعرفة عاجز قاصر عن أن يحيط بطبائع الأشياء ولطائف وجوده ومصالح نفسه في النشأتين، فلله الخلق والأمر، وعلى الإنسان أن يخضع له ولشريعته، يحكم بذلك العقل ويذمه على المخالفة. ولا يشارك الله - تعالى - في ذلك أحد من خلقه، قال - تعالى -: (إن