الفصل الثالث فيما يمكن أن يستدل به لصحة انعقاد الإمامة بانتخاب الأمة 1 - حكم العقل الذي هو أم الحجج، فإنه يحكم بالبداهة بقبح الفوضى والهرج والفتنة، ووجوب إقامة النظام وحفظ المصالح العامة الاجتماعية، ولا يحصل ذلك كله إلا بدولة صالحة عادلة ذات قدرة، وإطاعة الأمة لها، فيجب تحقيق ذلك بحكم العقل. وكل ما حكم به العقل حكم به الشرع، كما قرر في محله.
والدولة، لا تخلو من أن توجد بالنصب من قبل الله - تعالى - أو بقهر قاهر على الأمة، أو بالانتخاب من قبلها. فان تحققت بالنصب فلا كلام والمفروض عدم ثبوته بالأدلة، والثاني ظلم على الأمة بحكم العقل بقبحه، ولا يحكم بوجوب الخضوع له. فيتعين الثالث أعني الانتخاب وهو المطلوب.
2 - فحوى قاعدة السلطنة؛ فإن العقل العملي يشهد ويحكم بسلطة الناس على الأموال التي حازوها أو إنتجوها، وقد نفذ الشرع أيضا ذلك بحيث صار هذا من مسلمات فقه الفريقين يتمسكون بها في الأبواب المختلفة. فهم بطريق أولى مسلطون على أنفسهم وذواتهم. فإن السلطة على الذات قبل السلطة على المال بحسب الرتبة. فليس لأحد أن يحدد حريات الأفراد أو يتصرف في مقدراتهم بغير