الظاهر عدم الإشكال في وجوب تصدي الفقهاء الواجدين للشرائط للأمور المعطلة من باب الحسبة إذا أحرز عدم رضا الشارع الحكيم بإهمالها وتركها في أي ظرف من الظروف. ولا تنحصر الأمور الحسبية في الأمور الجزئية، كحفظ أموال الغيب والقصر مثلا. إذ حفظ نظام المسلمين وثغورهم ودفع شرور الأعداء عنهم وعن بلادهم وبسط المعروف فيهم وقطع جذور المنكر والفساد عن مجتمعهم من أهم الفرائض التي لا يرضى الشارع الحكيم بإهمالها قطعا، فيجب على من تمكن منها أو من بعضها التصدي للقيام بها. وإذا تصدى واحد منهم لذلك وجب (1) على باقي الفقهاء فضلا عن الأمة مساعدته على ذلك.
فإن قلت: إذا سلمنا أن شؤون الحكومة لا تتعطل على أي حال، فلأحد أن يقول: لا يبقى على هذا وجه لوجوب إقدام الأمة على الانتخاب.
قلت: فعلية الحكومة تحتاج إلى قوة وقدرة، وواضح أن بيعة الأمة وانتخابهم مما يوجب قوة الحكومة ونجدتها. وأما المتصدي حسبة فكثيرا ما لا يجد قدرة تنفيذية، فيتعطل قهرا كثير من الشؤون.
المسألة 14 - هل انتخاب الوالي عقد جائز من قبيل الوكالة فيجوز للأمة فسخه ونقضه إن أرادت، أو عقد لازم من قبيل البيع فلا يجوز نقضه إلا مع تخلف الوالي عما شرط عليه.
أقول: الانتخاب وإن أشبه الوكالة بوجه بل هو قسم من الوكالة بالمعنى الأعم أعني إيكال الأمر إلى الغير أو تفويضه إليه، كما في كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أصحاب الخراج: " فإنكم خزان الرعية ووكلاء الأمة وسفراء الأئمة " (2). ولكن