نظام الحكم في الإسلام - الشيخ المنتظري - الصفحة ١٤٠
الفصل الثاني في ذكر أدلة القائلين بنصب الفقهاء عموما (1) قبل التعرض للأدلة التي استدلوا بها على النصب يجب البحث عنه في مقام
(1) ناقش الأستاذ - دام ظله - في هذا الفصل في ما ذكروه من الأدلة على نظرية ولاية الفقيه بنصب الإمام المعصوم (عليه السلام)، ثبوتا وإثباتا. لأنه على هذه النظرية يكون كل الفقهاء منصوبين من قبل الإمام المعصوم (عليه السلام) في عرض واحد، ولا يكون لرأي الناس وانتخابهم أي تأثير في إعطائهم الولاية. وأصحاب هذه النظرية لا طريق لهم إلا القول بتمركز السلطات في يد الفقيه، بصورة غير محدودة، وهو ما يعبرون عنه بالولاية المطلقة.
وعلى أساس هذه النظرية يجب على الناس والأجهزة المقننة والقضائية والتنفيذية في البلد أن تطيع الفقيه طاعة مطلقة بلا قيد ولا شرط، ولا يحق لها أن تعمل بشيء من آرائها أبدا، لأن الفقيه هو الولي والقيم المطلق عليها!!
أما رأي الأستاذ المعظم فهو أن المستفاد من الأدلة العقلية والنقلية أنه يجب أن يحكم المجتمع أصلح أفراده، من حيث القدرة على تمييز الأمور، والعلم بمصالح المجتمع، وتأمين مصالحه والمحافظة عليها.
والفقيه الأعلم المتقي الواعي لظروف عصره، إذا كانت عنده القدرة على إدارة المجتمع، فهو أهل للتصدي إلى القيادة، وحينئذ كان على المجتمع الذي يملك حق تقرير مصيره والحاكمية على نفسه، أن ينتخب ذلك الفقيه، انتخابا مباشرا أو بواسطة مجلس، ويعطيه حقه في الحاكمية على نفسه، بشكل مطلق أو محدود بزمان معين أو مجال معين، في الدستور أو في صيغة الانتخابات أو البيعة. وعليه فإن مشروعية ولاية الفقيه وفعليتها وحدودها في نظر الأستاذ مرتبطة بانتخاب الناس وبيعتهم للفقيه عن وعي واختيار.
وعلى هذا الأساس يستطيع الناس أيضا أن يطبقوا ولايتهم على ثلاث سلطات، أي السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية، بنحو ينفك ويستقل بعضها عن الآخر. فيمكن لهم أن يحددوا أيا من هذه السلطات من حيث الزمان والصلاحيات، وأن يشترطوا على المنتخب لأي منها في ضمن عقد بيعتهم شروطا يرونها الأصلح لهم، مثل أن يكون لهم حق الرقابة على أعمال السلطات الثلاث، وأن يعملوا هذا الحق بواسطة الأحزاب والنقابات بدون أخذ رخصة قانونية. - م -.