الفصل الثامن في التجسس والاستخبارات العامة وفيه جهات من البحث:
الأولى - في وجوب حفظ أعراض المسلمين وأسرارهم:
ونقدم هذه الجهة لأن مضمونها مطابق للأصل وهو عدم ولاية أحد على أحد؛ فمراقبة الغير والتجسس عليه وإذاعة عيوبه وأسراره نحو تصرف في شؤون الغير والأصل يقتضي عدم جوازه. ويدل عليه من الكتاب والسنة:
١ - قوله - تعالى -: ﴿يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن، إن بعض الظن إثم، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه﴾ (1).
فالله - تبارك وتعالى - نهى أولا عن سوء الظن بالمؤمنين، وثانيا عن التفتيش والتجسس على دخائلهم، وثالثا عن إذاعتها وإشاعتها على فرض الاطلاع عليها، ولعل المستفاد من الآية أن حياة الإنسان إنما هي بعرضه وشخصيته الاجتماعية، والهتك لهما كأنه سلب لحياته هذه.