ولعل ما ورد في بعض الروايات من التعذيب أو التهديد بداعي الكشف على فرض صحتها كان من هذا القبيل، أي كان في صورة العلم باطلاع الشخص وكتمانه، أو كان من جهة كونه مهدور الدم شرعا؛ فمن ذلك قصة كنانة بن أبي الحقيق، حيث صالح رسول الله (صلى الله عليه وآله) أهل خيبر على حقن دمائهم وترك جميع أموالهم للمسلمين، وكنز كنانة حلي آل أبي الحقيق وكتمها، فلما ظهر الكنز وأخرج، أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الزبير بن العوام أن يعذب كنانة حتى يستخرج كل ما عنده، فعذبه الزبير حتى جاء بزند يقدحه في صدره (1). ويؤيد ذلك ما ورد من التعذيب أو التهديد في قبال ترك الواجبات والاستنكاف عن الإتيان بها:
فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " المولي إذا أبى أن يطلق، قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يجعل له حظيرة من قصب ويجعله (يحبسه) فيها ويمنعه من الطعام والشراب حتى يطلق " (2).
المسألة الخامسة - في التعزير لكشف الجرم في حقوق الله:
قد كان ما ذكرناه في حقوق الناس المهمة. وإما في مثل الزنا واللواط وشرب الخمر ونحو ذلك من حقوق الله فلا يجب على المرتكب إظهارها، وليس للحاكم أيضا تهديده أو تعزيره لذلك، بل الأولى في مثلها هو الستر والتوبة إلى الله - عز وجل -:
ففي خبر أبي العباس، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " أتى النبي (صلى الله عليه وآله) رجل فقال:
إني زنيت (إلى أن قال) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو استتر ثم تاب كان خيرا له " (3).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " أيها الناس، قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود