الثبوت وذكر المحتملات فيه.
النصب في مقام الثبوت:
لا يخفى أن مساق كلمات الأعاظم القائلين بنصب الفقهاء في تأليفاتهم إلى تعين النصب في عصر الغيبة من الجهة العليا وكون الطريق منحصرا فيه.
قال المحقق النراقي: " وأما غير الرسول وأوصيائه أن الأصل عدم ثبوت ولاية أحد على أحد إلا من ولاه الله - سبحانه - أو رسوله أو أحد من أوصيائه على أحد في أمر، وحينئذ فيكون هو وليا على من ولاه فيما ولاه فيه " (1).
أقول: لو صح ما ذكروه من تعين النصب من الجهة العليا وانحصار الطريق فيه فبضرورة وجود الحكومة الحقة وعدم جواز إهمال الشارع لها في عصر من الأعصار يستكشف النصب قهرا، حتى وإن لم يوجد ما يدل عليه في مقام الإثبات أو نوقش في دلالة ما استدل به. ولكن قد يخدش في صحة نصب الفقهاء ثبوتا - فضلا من أن يكون طريقا منحصرا فيه - بأنه لو وجد في عصر واحد فقهاء كثيرون واجدون للشرائط فالمحتملات فيه خمسة:
الأول: أن يكون المنصوب جميعهم بنحو العموم الاستغراقي فيكون لكل منهم الولاية الفعلية مستقلا.
ويرد عليه قبح هذا النصب على الشارع الحكيم، فإن اختلاف أنظار الفقهاء غالبا في استنباط الأحكام وفي تشخيص الحوادث اليومية والموضوعات المبتلى بها - ولا سيما الأمور المهمة منها مثل موارد الحرب والصلح مع الدول والأمم المختلفة - مما لا ينكر، فعلى فرض نصب الجميع وتعدد الولاة بالفعل لو تصدى كل واحد منهم للولاية لزم الهرج والمرج ونقض الغرض.
فإن قلت: ألا يمكن أن يقيم حكم الله غير واحد من الفقهاء في عصر واحد؟