ما يستدل به لتعين الضرب والإيلام:
الأول: إطلاق ما دل على الضرب في موارد خاصة، كوطي الحائض والصائمة ونحوهما.
الثاني: عموم ما دل على أن الله جعل لكل شئ حدا، وجعل على من تعدى حدا من حدود الله حدا.
وهذه الروايات كانت عمدة دليلنا على ثبوت التعزير في كل معصية كما مر، وحيث إن الحد المصطلح يكون من سنخ الضرب فلا محالة يكون التعزير أيضا من سنخه.
ويجاب عن الأول: بأنا نسلم تعين الضرب في الموارد التي ورد فيها الضرب بخصوصه كوطي الصائمة أو الحائض، وإنما الكلام في غيرها من التخلفات التي لم يذكر لها بخصوصها شئ في الأخبار.
وعن الثاني: بأن الحد في هذه الروايات لا يراد به الحد المصطلح قطعا كما هو مبنى الاستدلال بل يراد به معناه اللغوي، وهو في اللغة بمعنى المنع والكف والصرف؛ فيراد به في هذه الروايات كل ما يوجب تحديد فاعل المنكر ومنعه فيشمل الحدود المصطلحة وكذا التعزيرات بأنواعها؛ مثل التوبيخ والتهديد ونفي البلد والحبس أيضا لحصول المنع بسببها.
مضافا إلى أن الحد المصطلح أيضا لا ينحصر في العقوبة والإيلام، ففي حد المحارب يكون النفي أحد أفراد التخيير، كما نقل عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) في حديث طويل: " فإن كانوا أخافوا السبيل فقط ولم يقتلوا أحدا ولم يأخذوا مالا أمر بإيداعهم الحبس، فإن ذلك معنى نفيهم من الأرض بإخافتهم السبيل " (1).