وما يمكن أن يتحصل من طسق أراضي الأنفال على ما اخترناه، ومن استخراج المعادن الغنية وأخذ الحقوق الجمركية من تجار أهل الحرب ونحو ذلك إنما شرعت لرفع حاجات الدولة الإسلامية وإدارة المجتمع في الأوضاع والشرائط العادية، فلو لم تكف جميع ذلك في هذه الشرائط أو في الشرائط غير العادية فهل يجوز تشريع ضرائب أخرى مرتجلة على الأعمال والأموال والمصانع والأبنية والسيارات ونحوها حسب الحاجة إليها أو لا؟
أقول: فعلى ما قويناه من وجوب إقامة الحكومة في عصر الغيبة فيمكن أن نستدل للجواز في الشرائط العادية بوجوه:
الأول: أن يقال: أصل الزكاة مما شرعها الله - تعالى - في الكتاب العزيز وأمر بإعطائها وأخذها فقال: ﴿أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة﴾ (١)، وقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا، انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض﴾ (٢).
ولم يذكر في الكتاب العزيز خصوص ما تتعلق به، بل ظاهر الآية الأخيرة تعلقها بجميع ما يحصل للإنسان سواء كان بالكسب أو بالاستخراج من الأرض.
كما أن ظاهر قوله: ﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها﴾ (3) جواز أخذها من جميع الأموال لظهور الجمع المضاف في العموم. وقد فوض تعيين ما تؤخذ منها وتطالب فعلا إلى حكام الحق.
فعلى والي المسلمين في كل عصر ومكان ملاحظة ثروات الناس والاحتياجات الموجودة في عصره ومقر حكمه وتعيين ما تؤخذ منه الزكاة بحسبهما وهكذا كانت الزكاة المشرعة في الشرائع السابقة أيضا لا محالة فكانت