والحكومة العادلة الحافظة لحقوق المجتمع، فإن الإنسان مدني بالطبع، لا يحصل على حاجاته إلا تحت لواء حكومة حاسمة. ولأجل ذلك لم تخل حياة الإنسان في جميع مراحلها وأدوارها من حكومة ودويلة.
وحتى لو فرضنا محالا أو نادرا تكامل المجتمع وتحقق الرشد الأخلاقي والتناصف والإيثار بين جميع أفراده، فالاحتياج إلى نظام يجمع أمرهم في المصالح العامة لا يقبل الإنكار. ولا يختص هذا بعصر دون عصر أو ظرف دون ظرف.
فما عن الأصم من عدم الاحتياج إلى الحكومة إذا تناصفت الأمة ولم تتظالم، وما عن ماركس من عدم الاحتياج إليها بعد تحقق الكمون المترقي وارتفاع الاختلاف الطبقي واضح الفساد.
وأما ما تراه من استيحاش أكثر الناس في بلادنا وتنفرهم من اسم الحكومة والدولة، فليس إلا لابتلائهم طوال القرون المتمادية بأنواع الحكومات المستبدة الظالمة. وإلا فالحكومة الصالحة اللائقة الحافظة لحقوق الأمة الآخذة بيدها، تقبلها الطباع السليمة ويحكم بضرورتها العقل السليم. بل إن الحكومة الجائرة أيضا مع ما فيها من الشر والفساد خير من الفتنة والهرج، كما عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " وال ظلوم غشوم خير من فتنة تدوم " (1).
7 - كيف نشأت الدولة وتنشأ؟
قد ذكروا في ذلك نظريات عديدة:
منها: أن الدولة نظام اجتماعي يفرضه بالإجبار شخص قوي أو فريق غالب.