الدولة وتعيين الولاة والحكام بالانتخاب لتفويض ما يعسر انفاذه مباشرة إليهم، ومن جملة ذلك الأمور العامة التي يتوقف إنفاذها على مقدمات كثيرة وقوات متعاضدة، كالدفاع عن البلاد وإيجاد الطرق ونحوها مما لا يتيسر لكل فرد فرد وللمجتمع بهيئته الاجتماعية مباشرتها، فينتخبون لذلك واليا متمكنا ويفوضونها إليه ويساعدونه.
٤ - إن انتخاب الأمة للوالي نحو معاقدة ومعاهدة بين الأمة وبين الوالي، فيدل على صحتها ونفاذها جميع ما دل على صحة العقود ونفاذها من بناء العقلاء، وقوله - تعالى -: ﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾ (1).
لا يقال: وجوب الوفاء بالعقد يتوقف على كون العمل المعقود عليه تحت اختيار الطرفين، وكون الولاية والحكم في اختيار الأمة أول الكلام.
فإنه يقال: إن تعيين الوالي من قبل المجتمع كان أمرا رائجا متعارفا في جميع الأعصار والقرون، وهو أمر اعتباري قابل للإنشاء وكانوا ينشئونها بالبيعة ونحوها. والآية الشريفة ناظرة إلى العقود العقلائية المتعارفة بينهم، فيستدل بها على صحة كل عقد عقلائي إلا ما دل الدليل على بطلانه كالإنتخاب مع وجود النص على خلافه.
5 - الآيات والروايات المتضمنة للتكاليف الاجتماعية التي لوحظ فيها مصالح المجتمع الإسلامي بما هو مجتمع وخوطب بها الأمة. فان المجتمع وإن لم يكن له بالنظر الدقي الفلسفي وجود واقعي وراء وجودات الأفراد، ولكنه عند علماء الاجتماع له واقعية عقلائية، ويعتبر له في قبال الفرد وجود، وعدم، وحياة، وموت، ورقي، وانحطاط، وحقوق وواجبات.
وقد اعتنى القرآن الكريم بتواريخ الأمم كاعتنائه بقصص الأشخاص.