يجب على الفقيه المتصدي للحكومة الإسلامية نصب بعض الملتزمين المحتاطين ممن يطلع على الموازين ولو عن تقليد أو توكيله بمقدار الضرورة، ولكن يراقب أعمالهم وعلى فرض الخطأ يجبر أخطائهم.
8 - استقلال القاضي:
لا يخفى أن سلامة أمر القضاء وقوته لا يحصل إلا باستقلال القاضي وقوته في السياسة والاقتصاد حتى لا يطمع أحد في إجباره وإخضاعه أو استمالته وأطماعه.
وقد ألفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى هذه النكتة المهمة في عهده إلى مالك، فقال:
" ثم أكثر تعاهد قضائه وافسح له في البذل ما يزيل علته ويقل معه حاجته إلى الناس. وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ليأمن بذلك اغتيال الرجال له عندك، فانظر في ذلك نظرا بليغا " (1).
وإنما عدت سلطة القضاء مستقلة عن سلطة التنفيذ لئلا تتأثر عنها ولتعم سلطته مراتب سلطة التنفيذ فيهاب منها جميع الوزراء والعمال والأمراء. بل قد رأيت أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضا في عصر خلافته حضر مجلس قضاء شريح مع خصمه اليهودي. فيعلم بذلك أهمية موقعية القاضي. ولولا ذلك لأثرت السلطات السياسية أو الاقتصادية في أمر القضاء والقضاة (2).