النشاطات السياسية كما هو الظاهر.
إن قلت: إن حفظ نظام المسلمين وكيانهم، وكذلك حفظ أموالهم وحقوقهم أمران مهمان عند الشارع وهما يتوقفان كثيرا على القبض على المتهمين وحبسهم بداعي الكشف والتحقيق إذا كانوا في معرض الفرار. فالقول بعدم الجواز لذلك يوجب ضياع الحقوق والأموال واختلال النظم، ولا سيما إذا غلب الفساد على الزمان وأهله. فالظاهر هو الجواز إذا كان الأمر مهما معتنى به بحيث يكون احتماله أيضا منجزا عند العقلاء، ولكن مع رعاية الدقة والاحتياط وحفظ شؤون الأشخاص مهما أمكن.
قلت: القول بجواز القبض على المسلم وحبسه بمجرد الاتهام والاحتمال في غير الدم لا يخلو من إشكال، لشدة اهتمام الشرع بحريم المسلمين وشؤونهم.
المسألة الرابعة - في جواز التعزير لكتمان الشهادة:
ما ذكرناه كله كان مع التهمة والاحتمال، وأما إذا علم الحاكم أنه يوجد عند الشخص معلومات نافعة في حفظ النظام ورفع الفتنة، أو في تقوية الإسلام ورفع شر الأعداء، أو في إحقاق حقوق المسلمين بحيث يحكم العقل والشرع بوجوب الاعلام عليه وكان الوجوب بينا واضحا له أيضا، بحيث يعتقد هو أيضا بوجوبه وأهميته شرعا ولا يكون في شبهة ولكنه مع ذلك يكتم الشهادة والاعلام عنادا وفرارا من الحق جاز (1) حينئذ تعزيره للكشف والاعلام فقط، من دون أن يترتب