عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) " (١).
وظاهر الرواية أيضا هو التفصيل، وإن كان المترائي من التعليل المستفاد من الكلام الأخير جواز العفو في كلتا الصورتين.
وكيف كان فمقتضى الجمع بين الروايات في المقام هو التفصيل بين ما ثبت بالبينة فلم يجز للإمام العفو، وما ثبت بالإقرار فله الخيار في العفو أو إقامة الحد.
والمقصود بالإمام في أمثال المقام هو المتصدي للحكومة الحقة العادلة في كل عصر وزمان، لا خصوص الإمام المعصوم.
ثم إن الظاهر أن مورد عفو الإمام هو الحدود التي تكون لله وليس فيها حق الناس، وأما الحد الذي يغلب عليه جانب حق الناس كحد القذف فالعفو فيه دائر مدار عفو من له الحق.
العفو عن التعزيرات:
وأما التعزيرات المفوضة إلى الإمام والحاكم فإن كانت في قبال حق الناس فالظاهر أن العفو فيها أيضا دائر مدار عفو من له الحق. وأما ما كانت في قبال حقوق الله - تعالى - فالمستفاد من إطلاق الآيات والروايات الكثيرة الواردة في العفو والإغماض، ومن سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) وغيرهما جواز عفو الإمام عنها إذا رآه صلاحا ولم يوجب تجري المرتكب:
١ - قال الله تبارك - تعالى -: ﴿ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم، فاعف عنهم واصفح، إن الله يحب المحسنين﴾ (٢).
٢ - وقال تعالى: ﴿خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين﴾ (3).