ولكن لما كان تنفيذه وإجرائه موجبا للحرج بسبب الفقر النوعي أو لاستيحاش المسلمين منه لكونهم حديثي العهد بالإسلام، أخرت فعليته وتنفيذه إلى عصر الأئمة (عليهم السلام) كما أخرت فعلية بعض الأحكام حتى إلى عصر ظهور الإمام المنتظر (عليه السلام) لعدم تحقق شرائطها قبل ذلك.
ويمكن أن يقال أيضا: إن هذا الخمس ضريبة حكومية وضعها الأئمة المتأخرون (عليهم السلام) بما هم أئمة وساسة البلاد شرعا حسب الاحتياج في أعصارهم، حيث إن الزكوات وغيرها من الضرائب الإسلامية انحرفت عن مسيرها الأصلي وصارت تحت سلطة الخلفاء وعمالهم، ولذلك ترى الأئمة (عليهم السلام) محللين له تارة ومطالبين له أخرى.
الأمر الثاني: في ذكر أخبار التحليل وبيان محملها:
منها: ما يختص بحال الاعواز بالنسبة إلى حق الإمام فقط.
كصحيحة علي بن مهزيار، قال: قرأت في كتاب لأبي جعفر الثاني (الجواد) من رجل يسأله أن يجعله في حل من مأكله ومشربه من الخمس، فكتب بخطه:
" من أعوزه شئ من حقي فهو في حل " (1). وظاهر الجواب هو التحليل لخصوص المعوز لا مطلقا، بل لعل التحليل وقع للمعوز في عصره فقط.
ومنها: ما يحمل على تحليل المناكح والجواري المسبية المبتلى بها في تلك الأعصار لشيعتهم حفظا لطيب الولادات.
كخبر أبي حذيفة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رجل وأنا حاضر: حلل لي الفروج، ففزع أبو عبد الله (عليه السلام)، فقال له رجل: ليس يسألك أن يتعرض الطريق، إنما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا أعطيه، فقال: " هذا لشيعتنا حلال: الشاهد منهم والغائب، والميت منهم والحي وما يولد