الثاني: أن دين الإسلام قد التفت إلى جميع حاجات الإنسان (١) في حياته ومماته، وبين له ما يوجب سعادته في جميع مراحله، فهو دين ودولة، وعقيدة ونظام، وعبادة وأخلاق وتشريع، واقتصاد وسياسة وحكم. والواجب على المسلمين الالتفات إلى جميع هذه الجوانب والاهتمام بها. وهذا هو الفهم الصحيح للإسلام، فلنشر إلى أبواب الفقه بالإجمال، فإنها خير شاهد يدلك على هذا.
أدلة الفقه:
في الصلاة:
فالصلاة التي هي عمود الدين وقربان كل تقي، وتشريعها لارتباط المخلوق بخالقه، نرى مع ذلك تأكيد الإسلام فيها على الجماعة، حتى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أول تشريعها أقامها جماعة مع أمير المؤمنين (عليه السلام) وخديجة، وأكد فيها على الجماعة حتى في صف القتال، قال - تعالى -: ﴿وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم، فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم...﴾ (2).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): " لا صلاة لمن لم يصل في مسجد المسلمين إلا من علة " (3).
فالمصالح الاجتماعية ملحوظة في الصلاة، وليست عبادة محضة وشخصية، بل كأن الأصل فيها الجماعة، والفرادى إنما هي في صورة الاضطرار.
وأما صلاة الجمعة، فكانت الحجر الأساس للتجمع وتشكيل دولة إسلامية