أنزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت الفرائض " (1)، ولفظ الفريضة يستعمل في الواجبات العملية لا الأمور الاعتقادية.
فالمقصود بالصحيحة أن عمدة الفرائض التي عليها بني الدين هي الفرائض الخمس وأفضلها الدولة الحقة، غاية الأمر أن الأئمة الاثني عشر عند حضورهم وظهورهم أحق من غيرهم بالنص وبالأكملية، فوجب تأييدهم وإطاعتهم، وأما إذا لم يمكن الوصول إليهم بأي دليل كان فلا محالة وجب تعيين حاكم بالحق يحفظ مقررات الإسلام ويجريها.
الدليل التاسع ما في نهج البلاغة " أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها... " (2). وفيه أيضا " سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في غير موطن: لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متتعتع " (3) وفي سنن ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله): " أنه لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متتعتع " (4).
يظهر من الحديثين الشريفين أنه لا يحق ولا يجوز للإنسان المسلم ولا سيما العالم أن يقعد في بيته ولا يهتم ولا يبالي بما يشاهده من ظلم المستكبرين الطغاة، بل يجب عليه حماية الضعفاء وإحقاق حقوقهم، ولا يخفى أنه لا يتيسر ذلك غالبا إلا بالتجمع والتشكل وتحصيل القوة والقدرة بقدر الإمكان،