السابعة - في نفقات السجن والسجناء:
أما السجن فحيث إنه من المصالح العامة ومما يتوقف عليه استيفاء الحقوق وتأديب المجرمين وحفظ النظام وأمن السبل، فلا محالة تكون نفقات بنائه وعمارته ومرافقه ومراقبيه على بيت المال.
وأما نفقة المسجون فهل تكون على بيت المال مطلقا، أو على نفسه كذلك، أو يفصل بين من له مال أو يقدر على تحصيله ولو بالعمل في السجن، وبين غيره، أو يفصل بين المخلد في السجن فتكون على بيت المال كما في بعض الأخبار، وبين غيره فتكون على نفسه، أو يفصل بين التوقيف الموقت للكشف فتكون على بيت المال لعدم ثبوت تقصيره، وبين المحكوم بالسجن لثبوت تقصيره فتكون على نفسه على طبق القاعدة؟ في المسألة وجوه ونحن نتعرض لأمور:
الأول: ما تقتضيه القواعد الأولية. فنقول: حيث إن نفقة الإنسان تكون أولا وبالذات في أمواله وعلى عهدة نفسه فمع فرض تمكنه من تحصيل النفقة وأدائها لا يرى وجه لتحميلها على بيت المال المتعلق بالمسلمين. نعم لو كان فقيرا وبقى هو وعائلته بلا معاش، وكان السجن مانعا من شغله المناسب صار حكمه حكم سائر الفقراء في الارتزاق من بيت المال.
ولكن لأحد أن يقول: إن ما ذكرت صحيح في من ثبت تقصيره وحكم بحسبه لذلك، وأما المسجون في تهمة قبل إثبات تقصيره، فإن توقيفه الموقت يكون في طريق المصالح العامة فكان المناسب رزقه من بيت المال حتى يتضح الحال.
وهذا التفصيل عندي قوي وإن لم أعثر على من أفتى به. ويحتمل في المتهم أيضا ثبوت حق المطالبة منه إذا ثبت بعد ذلك كونه مقصرا.