فمثل عالم الطبيعة بمراحله كمثل أشجار غرسها غارسها وسقاها ورباها، لتثمر له ثمارا حلوة جيدة، فالثمرة العالية غاية وجود الشجرة ومن عللها. فالنبي الأكرم والأئمة المعصومون ثمرة العالم في قوس الصعود وغايته، وإن كان غاية الغايات هو الله - تعالى - بذاته المقدسة، كما حقق في محله.
وأما ما نسب إلينا من الاعتقاد بكون العالم مخلوقا للأئمة (عليهم السلام) لا لله - تعالى - فبهتان عظيم.
وكيف كان، فأصل الولاية التكوينية بنحو الإجمال ثابتة لهم بلا إشكال، وان لم نحط بحدودها. ولكن محط البحث هنا هو الولاية التشريعية المستتبعة لوجوب الطاعة لهم. وللبحث في الولاية التكوينية وكيفية صدور المعجزات والكرامات محل آخر.
الخامس: في مراتب الولاية التشريعية:
لا يخفى أن الولاية التشريعية بمعنى حق التصرف والأمر، حقيقة ذات مراتب، فمرتبتها الكاملة ثابتة لله - تعالى -. ومرتبة منها ثابتة لبعض الأنبياء وللنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) في زمن الحضور. ومرتبة منها ثابتة للفقيه العادل العالم بالحوادث ومسائل زمانه البصير بها في عصر الغيبة بالنصب، أو تتحقق له بانتخاب الأمة على ما يأتي. ويعبر عن واجد هذه المرتبة بالإمام والوالي والأمير والسلطان ونحو ذلك. ومرتبة منها أيضا ثابتة للأب والجد، ولعدول المؤمنين في بعض الموارد.
ولعله يوجد مرتبة منها للوالدين مطلقا، ما لم تزاحم أمرا أهم، لكونهما من أولياء النعم.
ومرتبة منها ثابتة لكل مؤمن ومؤمنة، كما قال عز وجل: (والمؤمنون