أقول: إن أريد بالفقير الفقير الشرعي، أي من لا يملك مؤونة سنته، أو الفقير العرفي وإن تمكن من أداء الجزية ولو تدريجا كأكثر أفراد المجتمع، فعموم الأدلة يشمله. وقد كان الخلفاء وأمير المؤمنين (عليه السلام) يوظفون عليهم.
وإن أريد به من لا كسب له ولا مال أصلا فالحق هو السقوط. ويدل عليه قوله - تعالى -: (لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها) والشيخ في الخلاف لم يعبر بالفقير، بل عبر بمن لا كسب له ولا مال، فموضوع بحثه في الخلاف يخالف موضوع بحثه في المبسوط. فراجع.
د - حكم الرهبان وأصحاب الصوامع في هذا الباب:
وأما الرهبان وأصحاب الصوامع فقد مر عن الخلاف ثبوت الجزية عليهم، قال: وفي أصحابنا من قال: لا تؤخذ منهم الجزية، وللشافعي فيه قولان (١).
أقول: إطلاق الآية وعموم خبر معاذ (٢) يقتضيان الثبوت ولا وجه لاستثنائهم إلا إذا كانوا شيوخا هرمى أو فقراء وقلنا باستثنائهما، أو يقال بأن الجزية تابعة لجواز القتل كما مر في النساء، والشيوخ والرهبان لا يقتلون لقوله - تعالى -: ﴿وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا﴾ (3). والراهب لا يقاتل.
وفي خبر ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع " (4).
ولو قيل بأن إدارة المجتمع تتوقف على أموال وضرائب، والجزية ضريبة