7 - انفتاح باب الاجتهاد المطلق:
قد ظهر أن منابع أحكام الله - تعالى - هي الكتاب العزيز، والسنة القويمة، والعقل القطعي. فيجب أولا وبالذات الرجوع إلى هذه المنابع وأخذ الأحكام منها.
فمن كان قادرا على الرجوع إليها والاستنباط منها عمل على وفق ما استنبط. وعلى هذا فليس لمجتهد خاص وفقيه مخصوص خصوصية. وقد كثر الفقهاء من الشيعة وكذا من السنة في جميع الأعصار. ولكن العامة لما رأوا تشتت المذاهب في الفروع استقرت آراء علمائهم وحكامهم في النهاية على حصر المذاهب في المذاهب الأربعة الدارجة لهم فعلا، أعني مذاهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل.
وقد تقدم الفقهاء الأربعة وتأخر عنهم فقهاء كثيرون ويوجدون في أعصارنا أيضا، ولم يكن الفقهاء الأربعة معاصرين للنبي (صلى الله عليه وآله) ولا وراث علمه بلا واسطة، بل تأخروا عنه (صلى الله عليه وآله) بأكثر من قرن، ولم يرد آية ولا رواية على تعين الأربعة، ولا دل عليه دليل من العقل. فبأي وجه يتعين التقليد منهم، أو الاجتهاد في نطاق مذاهبهم فقط؟!
وقد سبقهم أساتذتهم، وتقدمهم وعاصرهم أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ولحقهم فقهاء كثيرون ملكوا علوم القدماء وتجاربهم وأضافوا إليها استنباطات جديدة ويكونون أعلم بشرائط الزمان وأعرف بحاجاته وخصوصياته.
كان أبو حنيفة يقول: " علمنا هذا رأي لنا وهو أحسن ما قدرنا عليه؛ فمن جاءنا بأحسن منه فهو الصواب... ".
وكان مالك يقول: " أنا بشر؛ أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فإن وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافقهما فاتركوه ".