مستثنيات حرمة الغناء:
1 - رثاء الحسين وسائر المعصومين (عليهم السلام):
قال المحقق الأردبيلي (رحمه الله) في محكي شرح الإرشاد: وقد استثنى مراثي الحسين (عليه السلام) أيضا، ودليله أيضا غير واضح، ثم قرب الجواز لعدم الدليل على حرمة الغناء مطلقا، ثم قال: ويؤيده أن البكاء والتفجع عليه (عليه السلام) مطلوب ومرغوب وفيه ثواب عظيم، والغناء معين على ذلك وأنه متعارف دائما في بلاد المسلمين في زمن المشائخ إلى زماننا هذا من غير نكير، وهو يدل على الجواز غالبا، ثم أيد رأيه هذا بما دل على جواز النياحة في الشريعة المقدسة، وبأن التحريم إنما هو للطرب وليس في المراثي طرب بل ليس فيها إلا الحزن.
واستدل بعض متأخر المتأخرين على ذلك بعمومات أدلة البكاء والرثاء.
أقول: قد عرفت آنفا أن المراثي خارجة عن الغناء موضوعا فلا وجه لذكرها من مستثنيات حرمة الغناء، ولو سلمنا اطلاق الغناء عليها لشملتها اطلاقات حرمة الغناء المتقدمة، ولا دليل على الاستثناء، ووجود السيرة على الرثاء وإقامة التعزية على المعصومين (عليهم السلام) في بلاد المسلمين وإن كان مسلما، ولكنها لا تدل على جواز الغناء فيها، الذي ثبت تحريمه بالآيات والروايات.
وأما ما دل على ثواب البكاء على الحسين (عليه السلام)، أو ما دل على جواز النوح على الميت فلا يعارض بما دل على حرمة الغناء، وسيأتي.
وأما ما ذكره الأردبيلي، من أنه معين على البكاء فهو ممنوع، فإن الغناء على ما حققنا من مفهومه لا يجتمع مع البكاء والتفجع.
وأما ما ذكره من أن التحريم إنما هو للطرب وليس في المراثي طرب،