معاملة الهدايا ويسمون ثمن القرآن هدية، وعليه فيحمل النهي الوارد عن بيعه على الكراهة، لارشاده إلى ما ذكرناه.
ويدلنا على ذلك قوله (عليه السلام) في رواية روح بن عبد الرحيم: أشتري أحب إلى من أن أبيعه، وقوله (عليه السلام) في صحيحة أبي بصير: اشتريه أحب إلي من أن أبيعه، وقد ذكرناهما في الهامش.
فإن كون الشراء أحب عند الإمام (عليه السلام) من البيع يدل على كراهة البيع، وكونه منافيا لعظمة القرآن، ولو كان النهي تكليفيا لم يفرق فيه بين البيع والشراء.
ولو سلمنا دلالة الروايات المانعة على الحرمة، ولكنها ظاهرة في الحرمة التكليفية فلا دلالة فيها على الحرمة الوضعية، أعني فساد البيع وعدم نفوذه، لعدم الملازمة بينهما وقد تقدم ذلك مرارا.
ويضاف إلى جميع ما ذكرناه أن الطائفة المانعة كلها ضعيفة السند، وغير منجبرة بشئ فلا يجوز الاستناد إليها.
لا يقال: إن ما دل على جواز بيع الورق أيضا معارض بما دل على عدم جواز بيعه، كرواية سماعة المتقدمة في الحاشية المصرحة بحرمة بيع الورق الذي فيه القرآن، فإنه يرد عليه مضافا إلى ضعف السند في رواية سماعة أنها صريحة في المنع عن بيع الورق الذي فيه القرآن، لا الورق المجرد، فلا معارضة بينهما.
ثم إذا قلنا بحرمة بيع المصحف أو بكراهته للروايات المتقدمة، فإنه لا اشعار فيها بأن القرآن لا يملك، وأنه لا يقبل النقل والانتقال مطلقا، وعليه فمقتضى القاعدة أنه كسائر الأموال يجري عليه حكمها من أنحاء النقل والانتقال، حتى الهبة المعوضة، لوقوع العوض في مقابل الهبة دون المصحف إلا البيع فقط.