البيع ومورد الإجارة، بقرينة قوله (عليه السلام): وما عملته يدك بكذا، ضرورة عدم صلاحية العمل موردا للبيع، فلا بد من تنزيله على الإجارة (1).
ويرد على الوجهين أن كلا من النفي والاثبات في الروايات الواردة في بيع المصاحف إنما ورد على مورد واحد، وعليه فلا ترتفع المعارضة بين الطائفتين بشئ من الوجهين، لأنهما من الجمع التبرعي المحض ولا شاهد لهما من العقل والنقل.
ويرد على خصوص ما في الجواهر أنه لا وجه لجعل العقد الواحد متضمنا لموردي الإجارة والبيع معا، تمسكا برواية عبد الرحمان بن سليمان المذكورة في الحاشية، فإنه مضافا إلى كونها ضعيفة السند، أنه لا دلالة فيها على مقصود صاحب الجواهر، إذ الظاهر من عمل اليد في قوله (عليه السلام): فقل: إنما أشتري منك الورق وما فيه من الأدم، وحليته وما فيه من عمل يدك بكذا وكذا، هو الأثر الحاصل من العمل لا نفس الفعل، فإنه لا وجه لكون العمل بعد وقوعه متعلقا للإجارة.
والتحقيق أن تحمل الطائفة المانعة من الروايات على الكراهة، بدعوى أن الغاية القصوى من النهي عن بيع المصحف إنما هو التأدب والاحترام لكلام الله عز وجل، فإنه أجل من أن يجعل موردا للبيع كسائر الكتب والأمتعة، وأرفع من أن يقابل بثمن بخس دراهم معدودة، إذ الدنيا وما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فكيف يمكن أن يقع جزء من ذلك ثمنا للقرآن الذي اشتمل على جميع ما في العالم، ويدور عليه مدار الاسلام.
ومن هنا تعارف من قديم الأيام أن المسلمين يعاملون على المصاحف