شموله للمقام، لأن الوفاء بالشئ عبارة عن اتمامه وانهائه، فالوفاء بعقد الإجارة هو الاتيان بالعمل المستأجر عليه أداء لحق المستأجر، وواضح أن هذا لا يجتمع مع الاتيان به أداء لحق الله وامتثالا لأمره، وإذن فلا بد من قصد أحد الأمرين: إما الوفاء بالعقد، أو الامتثال لأمر المولى، وحيث لا يعقل اجتماعهما في محل واحد، فلا بد من رفع اليد من الأمر بالوفاء فتصبح الإجارة بلا دليل على الصحة.
وفيه أولا: إن الوفاء بالعقد وإن كان عبارة عن اتمامه وانهائه إلا أن هذا المعنى لا يتوقف على عنوان خاص، بل يكفي فيه ايجاد متعلق العقد فقط في الخارج بأي نحو اتفق، وعليه فلا مانع في كون العمل الواحد الذي تعلقت به الإجارة مصداقا لعنواني العبادة والعمل المستأجر عليه معا.
نعم لو كان الظاهر من دليل وجوب الوفاء بالعقد هو ايجاد العمل المستأجر عليه في الخارج بداعي اختصاصه بالمستأجر من جميع الجهات لاستحال اجتماع قصد الوفاء بالعقد مع قصد التقرب إلى الله، ولكنه دعوى جزافية.
وثانيا: إن دليل صحة الإجارة لا ينحصر بآية الوفاء بالعقد، لكي يلزم من عدم شمولها للمقام بقاؤه خاليا عن دليل الصحة، بل في آية التجارة عن تراض غنى وكفاية.
فإن قيل: إن الأمر الإجاري المتعلق بالفعل المستأجر عليه توصلي والأمر العبادي المتعلق به عبادي، وعليه فيلزم أن يكون فعل واحد مأمورا به بأمرين متخالفين، وهو محال.
قلنا: إن الأمر الجاري المتعلق بالعبادة أيضا أمر عبادي، فإن وجوب تسليم العمل المستأجر عليه إلى مالكه حكم كلي انحلالي من غير أن