شوكتهم، فيكون كمسجد الضرار الذي ذكره الله في الكتاب (1)، وتبعد الرواية عما نحن بصدده.
ومنها: رواية صفوان الظاهرة في ردعه عن اكراء الجمال من هارون الرشيد (2).
وفيه: أولا أنها ضعيفة السند.
وثانيا: أن الرواية أدل على الجواز، فإن الإمام (عليه السلام) إنما ردعه عن محبة بقائهم، ويدل على هذا من الرواية قوله (عليه السلام): أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك، قلت: نعم، قال: من أحب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان وروده إلى النار.
ومع الاغضاء عن جميع ذلك وتسليم دلالة الروايات المذكورة على الحرمة، فالسيرة القطعية قائمة على جواز إعانة الظالمين بالأمور المباحة في غير جهة ظلمهم، فتكون هذه السيرة قرينة لحمل الروايات على غير هذه الصورة.
والحاصل أن المحرم من العمل للظلمة على قسمين: الأول: إعانتهم على الظلم، والثاني: صيرورة الانسان من أعوانهم بحيث يعد في العرف من المنسوبين إليهم، بأن يقال: هذا كاتب الظالم، وهذا معماره، وذاك خزانه، وقد عرفت حرمة كلا القسمين بالأدلة المتقدمة، وأما غير ذلك فلا دليل على حرمته.
ثم إن المراد من الظالم المبحوث عن حكم إعانته ليس هو مطلق العاصي الظالم لنفسه، بل المراد به هو الظالم للغير، كما هو ظاهر جملة