وأما الكلام في صحة المعاملة المطفف فيها وفسادها فنقول:
إن المعاملة قد تقع على الكلي في الذمة، وقد تقع على الكلي في المعين الخارجي، وقد تقع على الشخص المعين الموجود في الخارج المشار إليه بالإشارة الحسية.
أما على الصورتين الأولتين فلا اشكال في صحة المعاملة وعدم فسادها بالتطفيف الخارجي، فإن المعاملة قد انعقدت صحيحة ولكن البائع أو من يباشر الاقباض والتسليم طفف في الكيل والوزن أو في الذرع والعدد، وهو لا يوجب فسادها، بل يكون الدافع مشغول الذمة بما نقص عن الحق، ولا يفرق في ذلك بين كون المعاملة ربوية أو غير ربوية كما هو واضح، وعلى الجملة أن هاتين الصورتين خارجتان عما نحن فيه.
وأما على الصورة الثالثة، فربما يقال ببطلان المعاملة إذا وقعت على المتاع الخارجي بما أنه مقدار بمقدار كذا، فظهر عدم انطباق العنوان الملحوظ في البيع على المشار إليه الخارجي، ووجه البطلان أن ما هو معنون بعنوان كذا غير موجود في الخارج، وما هو موجود في الخارج غير معنون بذلك العنوان، وتوهم إلغاء الإشارة أو الوصف فاسد، فإن اللازم هو الأخذ بكليهما لتعلق قصد المتبايعين بهما.
وفيه: أنه لا وجه للبطلان إذا تخلف العنوان، فإنه ليس من العناوين المقومة بل هو إما أن يكون مأخوذا على نحو الشرطية أو على نحو الجزئية كما سيجئ.
ولا يقاس ذلك بتخلف العناوين التي تعد من الصور النوعية عند العرف، كما إذا باع صندوقا فظهر أنه طبل أو باع ذهبا فظهر أنه مذهب، أو باع بغلا فظهر أنه حمار، فإن البطلان في أمثالها ليس من انفكاك العنوان عن الإشارة بل من جهة عدم وجود المبيع أصلا، وقد تقدم ذلك في