ويقول يا أبا بكر عجزت قال نعم فقال أبو العلا لغلامه استخرج لي أصول تلك الحشيشة فجاء بها فقال له يا أبا بكر استنشقها فاستنشقها أبو بكر فانقطع الدم عنه فعلم فضله عليه في علم الحشائش وأسعد الناس بهذه السدرة أهل بيت المقدس كما أن أسعد الناس بالمهدي أهل الكوفة كما أنه أسعد الناس برسول الله ص أهل الحرم المكي كما أنه أسعد الناس بالحق أهل القرآن وإذ أكل أهل السعادة من هذه الشجرة زال الغل من صدورهم ومكتوب على ورقها سبوح قدوس رب الملائكة والروح وإلى هذه السدرة تنتهي أعمال بني آدم ولهذا سميت سدرة المنتهى وللحق فيها تجل خاص عظيم يقيد الناظر ويحير الخاطر وإلى جانبها منصة وتلك المنصة مقعد جبريل عليه السلام وفيها من الآيات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كما قال رسول الله ص فيها إنها غشيها من نور الله ما غشى فلا يستطيع أحد أن ينعتها إنما ينظر الناظر إليها فيدركه البهت وأوجد الله في هذه السماء البيت المعمور المسمى بالضراح وهو على سمت الكعبة كما ورد في الخبر لو سقطت منه حصاة لوقعت على الكعبة وهذا البيت في هذه السماء والسماء ساكنة لا حركة فيها ولهذا لا ينتقل البيت من سمت الكعبة لأن الله جعل هذه السماوات ثابتة مستقرة هي لنا كالسقف للبيت ولهذا سماها السقف المرفوع إلا أنه في كل سماء فلك وهو الذي تحدثه سباحة كوكب ذلك السماء فالكواكب تسبح في أفلاكها لكل كوكب فلك فعدد الأفلاك بعدد الكواكب يقول تعالى كل في فلك يسبحون وأجرام السماوات أجرام شفافة وهي مسكن الملائكة والأفلاك لولا سباحة الكواكب ما ظهر لها عين في السماوات فهي فيها كالطرق في الأرض تحدث كونها طريقا بالماشي فيها فهي أرض من حيث عينها طريق من حيث المشي فيها وهذا البيت له بابان يدخل فيه كل يوم سبعون ألف ملك ثم يخرجون على الباب الذي يقابله ولا يعودون إليه أبدا يدخلون فيه من الباب الشرقي لأنه باب ظهور الأنوار ويخرجون من الباب الغربي لأنه باب ستر الأنوار المذهبة فيحصلون في الغيب فلا يدري أحد حيث يستقرون وهؤلاء الملائكة يخلقهم الله في كل يوم من نهر الحياة من القطرات التي تقطر من انتفاض جبريل لأن الله قد جعل له في كل يوم غمسة في نهر الحياة وبعدد هؤلاء الملائكة في كل يوم تكون خواطر بني آدم فما من شخص مؤمن ولا غيره إلا ويخطر له سبعون ألف خاطر في كل يوم لا يشعر بها إلا أهل الله وهؤلاء الملائكة الذين يدخلون البيت المعمور يجتمعون عند خروجهم منه مع الملائكة الذين خلقهم الله من خواطر القلوب فإذا اجتمعوا بهم كان ذكرهم الاستغفار إلى يوم القيامة فمن كان قلبه معمورا بذكر الله مستصحبا كانت الملائكة المخلوقة من خواطره تمتاز عن الملائكة التي خلقت من خواطر قلب ليس له هذا المقام وسواء كان الخاطر فيما ينبغي أو فيما لا ينبغي فالقلوب كلها من هذا البيت خلقت فلا تزال معمورة دائما وكل ملك يتكون من الخاطر يكون على صورة ما خطر سواء وخلق الله في هذه السماء كوكبا وأوحى فيها أمرها وأسكنها إبراهيم الخليل وجعل لهذا الكوكب حركة في فلكه على قدر معلوم ومن أعجب المسائل مسألة هذه الحركات فإنها من خفي العلم فإنه يعطي أنه لا يستحيل مؤثر فيه بين مؤثرين لأن مثل هذه الحركة لهذا الكوكب يكون عن حكمين مختلفين حكم قسري وحكم إرادي أو طبيعي وذلك له مثال ظاهر وهو أنه إذا كان حيوان على جسم قاصدا جهة بحركته من هذا إلا لجسم وتحرك الجسم إلى غير تلك الجهة فتحرك الحيوان إلى جهة حركة هذا الجسم مع حركته إلى النقيض فيجمع بين حركتين متقابلتين معا في زمان واحد فهو يقطع في ذلك الجسم الذي هو عليه والجسم يقطع به في جسم آخر فيقطع الحيوان فيه بحكم التبعية كنملة على ثوب مطروح في الأرض تمشي فيه مشرقة ويجذب جاذب ذلك الثوب إلى جهة الغرب فتكون متحركة إلى جهة الشرق في الآن الذي تتحرك فيه بتحرك الثوب إلى جهة الغرب فهي حركة قهرية لها غالبة عليها وهاتان حركتان متقابلتان في آن واحد فانظر هل لاجتماع الضدين وجود في هذه المسألة أم لا فإن الكواكب تقطع في الفلك في رأى العين من الغرب إلى الشرق والفلك الأكبر المحيط يقطع بها من الشرق إلى الغرب فالكوكب متحرك من الشرق إلى الغرب في الآن الذي هو فيه متحرك من الغرب إلى الشرق ففلكه الذي تحدثه حركته شرقا عين فلكه الذي تحدثه حركته غربا فهذه مثل مسألة الجبر في عين
(٤٤٣)