خواص وهم الأولياء واختار من هؤلاء الخواص خلاصة وهم الأنبياء واختار من الخلاصة نقاوة وهم أنبياء الشرائع المقصورة عليهم واختار من النقاوة شرذمة قليلة هم صفاء النقاوة المروقة وهم الرسل أجمعهم واصطفى واحدا من خلقه هو منهم وليس منهم هو المهيمن على جميع الخلائق جعله عمدا أقام عليه قبة الوجود جعله أعلى المظاهر وأسناها صح له المقام تعيينا وتعريفا فعلمه قبل وجود طينة البشر وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاثر ولا يقاوم هو السيد ومن سواه سوقة قال عن نفسه أنا سيد الناس ولا فخر بالراء والزاي روايتان أي أقولها غير متبجح بباطل أي أقولها ولا أقصد الافتخار على من بقي من العالم فإني وإن كنت أعلى المظاهر الإنسانية فإنا أشد الخلق تحققا بعيني فليس الرجل من تحقق بربه وإنما الرجل من تحقق بعينه لما علم إن الله أوجده له تعالى لا لنفسه وما فاز بهذه الدرجة ذوقا إلا محمد صلى الله عليه وسلم وكشفا إلا الرسل وراسخو علماء هذه الأمة المحمدية ومن سواهم فلا قدم لهم في هذا الأمر وما سوى من ذكرنا ما علم أن الله أوجده له تعالى بل يقولون إنما أوجد العالم للعالم فرفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا وهو غني عن العالمين هذا مذهب جماعة من العلماء بالله وقالت طائفة من العارفين إن الله أوجد الإنس له تعالى والجن وأوجد ما عدا هذين الصنفين للإنسان وقد روى في ذلك خبر إلهي عن موسى صلى الله عليه وسلم أن الله أنزل في التوراة يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي فلا تهتك ما خلقت من أجلي فيما خلقت من أجلك وقال تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وتقتضي المعرفة بالله أن الله خلق العالم وتعرف إليهم لكمال مرتبة الوجود ومرتبة العلم بالله لا لنفسه سبحانه وهذه الوجوه كلها لها نسب صحيحة ولكن بعضها أحق من بعض وأعلاها ما ذهبنا إليه ثم يلي ذلك خلقه لكمال الوجود وكمال العلم بالله وما بقي فنازل عن هاتين المرتبتين واعلم أن كل خلق ينسب إلى جناب الحضرة الإلهية فلا بد من مظهر يظهر فيه ذلك الخلق فأما أن يعود من المظهر التخلق به على جناب الحق أو يكون متعلقة مظهر آخر يقتضيه في عين ممكن ما من الممكنات لا يكون إلا هكذا وأما الحق من حيث هو لنفسه فلا خلق فمن عرف النسب فقد عرف الله ومن جهل النسب فقد جهل الله ومن عرف أن النسب تطلبها الممكنات فقد عرف العالم ومن عرف ارتفاع النسب فقد عرف ذات الحق من طريق السلب فلا يقبل النسب ولا تقبله وإذا لم يقبل النسب لم يقبل العالم وإذا قبل النسب كان عين العالم قال تعالى واعبد ربك نسبة خاصة حتى يأتيك اليقين فتعلم من عبده ومن العابد والمعبود قال تعالى ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه اهدنا الصراط المستقيم أعطى كل شئ خلقه صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم وإليه يرجع الأمر كله فاعبده لا تعبد أنت فإن عبدته من حيث عرفته فنفسك عبدت وإن عبدته من حيث لم تعرفه فنسبته إلى المرتبة الإلهية عبدت وإن عبدته عينا من غير مظهر ولا ظاهر ولا ظهور بل هو هو لا أنت وأنت أنت لا هو فهو قوله فاعبده فقد عبدته وتلك المعرفة التي ما فوقها معرفة فإنها معرفة لا يشهد معروفها فسبحان من علا في نزوله ونزل في علوه ثم لم يكن واحدا منهما ولم يكن إلا هما لا إله إلا هو العزيز الحكيم (السؤال الحادي والخمسون) أين خزائن المنن الجواب في الاختيار المتوهم المنسوب إليه وإليك فأنت مجبور في اختيارك فأين الاختيار وهو ليس بمجبور وأمره واحد فأين الاختيار ولو شاء الله فما شاء وإن يشأ يذهبكم وليس بمحل للحوادث بل الأعيان محل الحوادث وهو عين الحوادث عليها فإنها محال ظهوره ما يأتيهم من ذكر من الرحمن من ربهم محدث والذكر كلامه وهو الذي حدث عندهم وكلامه علمه وعلمه ذاته فهو الذي حدث عندهم فهو خزائن المنن والمنن ظهور ما حدث عندهم فيهم وهو لا أين له فلا أينية لخزائن المنن ولما كانت المنن متعددة طلب عين كل نسبة منه خزانة فلهذا تعددت الخزائن بتعدد المنن وإن كانت واحدة بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين أنكم مؤمنون فهذه سنتان منة الهدى ومنة الايمان وجميع نعمه الظاهرة والباطنة مننه وإذا كان هو عين المنة فأنت الخزانة فالعالم خزائن المنن الإلهية ففينا اختزن مننه سبحانه فما هو لنا بأين ونحن له أين فمن
(٧٤)