فالحمد لله الذي * قد حزته بين البشر في عصرنا هذا فهل * في وقتنا من مدكر يعرف ما قد قلته * كما أتانا في الزبر هذا هو العلم الذي * يقضي على علم الخضر هل كان إلا خرقه * سفينة ذات دسر وقتل نفس رحمة * لو أنه يحيا كفر وستره كنز الذي * كان يتيما يحتقر وعلمنا بالله لا * بعين كون عن نظر فأين ذا من ذاك يا * أهل القلوب والبصر هذا هو العلم الذي * يقال سحر مستمر ودونه الشمس التي * تكسف فيه والقمر في مقعد من صدقه * عند مليك مقتدر متكئ على سرر * وسط جنان في نهر (السؤال الثالث عشر ومائة) ما صفات ملك القدس الجواب قالت الملائكة ونقدس لك تعني ذواتها أي من أجلك لنكون من أهل ملك القدس فالمتطهرون من البشر من أهل الله من ملك القدس وأهل البيت من ملك القدس والأرواح العلا كلها من غير تخصيص من ملك القدس فتختلف صفات ملك القدس باختلاف ما تقبله ذواتهم من التقديس ولما نعت الله اسم الملك بالاسم القدوس والملك يطلب الملك فيضاف الملك إلى القدس كما يضاف إلى الآلاء وغيرها وذوات ملك القدس على نوعين في التقديس فمنهم ذوات مقدسة لذاتها وهي كل ذات كونية لم تلتفت قط إلى غير الاسم الإلهي الذي عنه تكونت فلم يطرأ عليها حجاب يحجبها عن إلهها فتتصف لذلك الحجاب بأنها غير مقدسة أي لا تضاف إلى القدس فتخرج عن ملك القدس وهم الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون أي ينزهون ذواتهم عن التقديس العرضي بالشهود الدائم وهذا مقام ما ناله أحد من البشر إلا من استصحب حقيقته من حين خلفت شهود الاسم الإلهي الذي عنه تكونت وبقي عليها هذا الشهود حين أوجد الله لها مركبها الطبيعي الذي هو الجسم ثم استمر لها ذلك إلى حين الانتقال إلى البرزخ من غير موت معنوي وإن مات حسا وهذا والله أعلم ناله محمد صلى الله عليه وسلم فإنه قال كنت نبيا وآدم بين الماء والطين يريد أن العلم بنبوته حصل له وآدم بين الماء والطين واستصحبه ذلك إلى أن وجد جسمه في بلد لم يكن فيه موحد لله ولم يزل على توحيد الله لم يشرك كما أشرك أهله وقومه ثم إنه لما استقامت آلاته الحسية وتمكن من العمل بها بحسب ما وجدت له واستحكم بنيان قصر عقله وخزانة فكره واعتدلت مظاهر قواه الباطنة لم يصرفها إلا في عبادة خالقه فكان يخلو بغار حرا للتحنث فيه إلى أن أرسله الله إلى الناس كافة فكان يذكر الله على كل أحيانه كما ذكرت عنه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وقد قال صلى الله عليه وسلم عن نفسه وهو الصادق إنه تنام عينه ولا ينام قلبه فأخبر عن قلبه أنه لا ينام عند نوم عينه عن حسه فكذلك موته إنما مات حسا كما نام حسا فإن الله يقول له إنك ميت وكما أنه لم ينم قلبه لم يمت قلبه فاستصحبته الحياة من حين خلقه الله وحياته إنما هي مشاهدة خالقه دائما لا تنقطع وقد أخبر ذو النون المصري حين سئل عن قوله تعالى في أخذ الميثاق فقال كأنه الآن في أذني يشير إلى علمه بتلك الحال فإن كان عن تذكر فلم يلحق بالملائكة في هذا المقام وإن لم يكن عن تذكر بل استصحاب حال من حين أشهد إلى حين سئل فيكون ممن خصه الله بهذا المقام فلا أنفيه ولا أثبته وما عندي خبر من جانب الحق تعالى في ذلك مروي ولا غير مروي أنه ناله أحد من البشر وإنما ذكرنا ذلك في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم أعني أنه ناله على طريق الاحتمال لا على القطع فإنه لا علم لي بذلك والظاهر أنه تخلله في هذا المقام ما يتخلل البشر فإنه كثيرا ما أوحي إليه
(١٠٨)