ليتميز هذا للشخص بظهور من ورثه من الأنبياء عمن ورث غيره فلو تجلى في صورة محمدية التبس عليه الشخص الذي ورث محمدا ص فيما اختص به دون غيره من الرسل الملك (ومنهم) من يتجلى له عند الاحتضار صورة الملك الذي شاركه في المقام فإنهم الصافون ومنهم المسبحون ومنهم التالون إلى ما هم عليه من المقامات فينزل إليه الملك صاحب ذلك المقام مؤنسا وجليسا تستنزله عليه تلك المناسبة فربما يسميه عند الموت ويرى من المحتضر تهمما به وبشاشة وفرحا وسرورا وما وصفنا في هذا الاحتضار إلا أحوال الأولياء الخارجين عن حكم التلبيس ما ذكرنا من أحوال العامة من المؤمنين فإن ذلك مذاق آخر وللأولياء هذا الذي نذكره خاصة فلذلك ما نتعرض لما يطرأ من المحتضر من العامة مما يكره رؤيته ويتمعر وجهه ليس ذلك مطلوبنا ولا يرفع بذلك رأسا أهل الله وإن تعرض لهم فإنهم عارفون بما يرونه (أسماء الأفعال) ومنهم من يتجلى له عند الموت هجيره من الأسماء الإلهية فإن كان م ن أسماء الأفعال كالخالق بمعنى الموجد والباري والمصور والرزاق والمحيي وكل اسم يطلب فعلا فهو بحسب ما كان عليه في معاملته معه ظهر له بما يناسب ذلك العمل فيراه في أحسن صورة فيقول له من أنت يرحمك الله فيقول هجيرك وسيأتي ذكر الهجيرات من هذا الكتاب في باب أحوال الأقطاب من آخره إن شاء الله (أسماء الصفات) فإن كان هجيره كل اسم يستدعي صفة كمال كالحي والعالم والقادر والسميع والبصير والمريد فإن هذه الأسماء كلها أسماء المراقبة والحياء فهم أيضا بحسب ما كانوا في حال حياتهم عند هذه الأذكار من طهارة النفوس عن الأعراض التي تتخلل هذه النشأة الإنسانية التي لا يمكن الانفكاك عنها وليس فها دواء إلا الحضور الدائم في مشاهدة الوجه الإلهي الذي له في كل كون عرضي وغير عرضي (أسماء النعوت) فإن كان هجيره أسماء النعوت وهي أسماء النسب كالأول والآخر وما جرى هذا المجرى فهو فيها بحسب ما يقوم به من علم الإضافات في ذكره ربه بمثل هذه الأسماء فيعرفه إن لها عينا وجوديا كمثبتي الصفات أو لا عين لها (أسماء التنزيه ومنهم) من يتجلى له عند الاحتضار أسماء التنزيه كالغني فإن كان مثل هذا الاسم هجيره في مدة عمره فهو فيه بحسب شهوده هل يذكره بكونه غنيا عن كذا ويذكره غنيا حميدا من غير أن يخطر له عن كذا وكذا فيما يماثله من أسماء التنزيه سواء (أسماء الذات ومنهم) من كان هجيره الاسم الله أو هو والهو أرفع الأذكار عندهم كأبي حامد ومنهم من يرى أنت أتم وهو الذي ارتضاه الكتاني مثل قوله يا حي يا قيوم يا لا إله إلا أنت ومنهم من يرى أنا أتم وهو رأى أبي يزيد فإذا احتضر من هذا ذكره فهو بحسب اعتقاده في ذلك من نسبة تلك الكناية من توهم تحديد وتجريد عن تحديد ومنهم من يرى أن التجريد والتنزيه تحديد ومن المحال أن يعقل أمر من غير تحديد أصلا فإنه لا يخلو إما أن يعقل داخلا أو خارجا أو لا داخل ولا خارج أو هو عين الأمر لا غيره وكل هذا تحديد فإن كل مرتبة قد تميزت عن غيرها بذاتها ولا معنى للحد إلا هذا وهذا القدر كاف انتهى الجزء التاسع ومائة (بسم الله الرحمن الرحيم) (الباب السابع والسبعون ومائة في معرفة مقام المعرفة) من ارتقى في درج المعرفة * رأى الذي في نفسه من صفه لأنها دلت على واحد * للفرق بين العلم والمعرفة لها وجود في وجود الذي * أرسله الحق وما كلفه فهو إمام الوقت في حاله * ويشتهي الواقف أن يعرفه تجري على الحكمة أحكامه * في الرتبة العالية المشرفة اعلم أن المعرفة نعت إلهي لا عين لها في الأسماء الإلهية من لفظها وهي أحدية المكانة لا تطلب إلا الواحد والمعرفة عند القوم محجة فكل علم لا يحصل إلا عن عمل وتقوى وسلوك فهو معرفة لأنه عن كشف محقق لا تدخله الشبه بخلاف
(٢٩٧)