عينه في الجنس تبدو * وهو الملك الجواد فإنا أحسد مثلي * وبهذا القوم سادوا مالنا مثل سوانا * حسد الحق العباد لو دري الناس الذي * قلت لما كان العناد الحسد وصف جبلي في الإنس والجان وكذلك الغضب والغبط والحرص والشرة والجبن والبخل وما كان في الجبلة فمن المحال عدمه إلا أن تنعدم العين الموصوف بها ولما علم الحق أن إزالتها من هذين الصنفين من الخلق لا يصح زوالها عين لها مصارف يصرفها فيها فتكون محمودة إذا صرفت في الوجه الذي أمر الشارع أن تصرف فيه وجوبا أو ندبا وتكون مذمومة إذا صرفت في خلاف المشروع وإذا عرفت هذا فلا عناد ولا نزاع قال ص زادك الله حرصا ولا تعد وقال منهومان لا يشبعان طالب دنيا وطالب علم فطلب الدنيا قد يكون مذموما وقد يكون محمودا وطلب العلم محمود بكل وجه غير إن المعلومات متفاضلة فبعضها أفضل من بعض وتختلف باختلاف القصد فإن طلب العلم بالمثال من جهة من قامت بهم لا من حيث أعيانها وطلب بعضها بطريق التجسس مذموم فما ثم على التحقيق ما هو مخلص لأحد الجانبين أين قوله ومن شر حاسد إذا حسد من قوله لا حسد إلا في اثنتين وكذلك أين الغضب لله من غضب الإنسان لنفسه من غضبه حمية جاهلية فجميع ما جبلت النفس عليه لا يزول بالمجاهدة ولا بالرياضة وإنما تختلف مصارفها فيختلف اللسان عليها بالذم والحمد فإن أخذ بها جهة اليمين فبخل بدينه وحرص على فعل الخير وغضب لله حمد وإن أخذ بها جهة الشمال فغضب حمية جاهلية وبخل بما فرض عليه الجود به كالزكاة وتعليم العلم ذم حقا وخلقا وعلم هذا الباب فيه راحة عظيمة ومنفعة للناس وهم عنها غافلون انتهى الجزء الثامن والتسعون (بسم الله الرحمن الرحيم) (الباب الخامس عشر ومائة في معرفة الغيبة ومحمودها ومذمومها) إذا نزل الحق من عزه * إلى منزل الجوع والمرحمه فخذه على حد ما قاله * فإن به تحصل المكرمة ولا تلقينه على جاهل * فتحصل في موقف المندمه فغيبك الحق في ذكره * بما لم يقل وهي المشئمة وإن كان حقا ولكنه * إذا قاله قائل قال مه اعلم فهمك الله ما أسمعك أن الغيبة ذكر الغائب بما لو سمعه ساءه وهي حرام على المؤمنين فالحق لا يغتاب لأنه السميع البصير في نفس الأمر وعند العلماء به وقد أبان لعباده ما يكرهه منهم وما يحمده فمنهم من آمن ومنهم من كفر فلا يغتاب أيضا اسم فاعل واسم مفعول فالغيبة حرام على المكلفين فيما بينهم ويجتنبها أهل المروءات من غير المؤمنين نزاهة وشرف نفس لأن اجتنابها يدل على كرم الأصول إلا في مواطن مخصوصة فإنها واجبة وقربة إلى الله وأهل الورع من المؤمنين يعرضون بها ولا يصرحون فمن ذلك في طريق الجرح الذي يعرفه المحدثون في رواة الأحكام المشروعة روينا عن بعض العلماء بالله أنه كان يقول في ذلك لصاحبه تعال نغتب في الله ومنها عند المشورة في النكاح فإنه مؤتمن والنصيحة واجبة ومنها الغيبة المرسلة وهو أن يغتاب أهل زمانه من غير تعيين شخص بعينه ومنها غيبة المشايخ المريدين في حال التربية إذا كان فيها صلاح المريد إذا وصل ذلك إليه ومع كون الغيبة محمودة في هذه المواطن فعدم التعيين فيها أولى من التعيين فإن النبي ص يقول لا غيبة في فاسق نهيا لا نفيا على هذا أخذ أهل الورع هذا الخبر وطريق التعريض هين المأخذ وما عدا أمثال هذه المواطن فهي مذمومة يجب اجتنابها ومن هذا الباب تجريح الشهود إذا عرف المشهود عليه أنهم شهدوا بالزور فوجب عليه نصرة الحق وأهله وخذلان الباطل وأهله ومن هنا يتبين لك أن العدم هو الشر فإن شهداء
(١٩٦)