كلامه للرسل لا يعرفه إلا الرسل ولا ذوق لنا فيه ولو عرفنا به ما عرفناه ولو عرفناه لكنا رسلا مثلهم ولا حظ لنا في رسالتهم ولا في نبوتهم وكلامنا لا يكون إلا عن ذوق فالجواب عن هذا السؤال إذا أراد الرسل ترك الجواب فأردنا أن نفيد أصحابنا في أن نتكلم في كلامه تعالى للرسل الذين هم الورثة رسل رسل الله لما دعوا إلى الله على بصيرة وشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله على بصيرة بينه وبين من اتبعه فاعلموا من أين نتكلم وفيمن أتكلم وعمن نبين ثم نرجع إلى ما كنا بسبيله فنقول فيقول فقد حددتموني وأنا لا حد لي فنقول هذا الذي تقول لسان العلم وأنت خاطبتنا بلسان الايمان فآمنا فقلت من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا فما حددناك إلا بحدك فأنت حددت نفسك بنا وحددتنا بك وإلا فمن أين لنا أن نحد ذواتنا فكيف أن نحدك وجعلت الايمان بما ذكرناه قربة إليك فهذا كلامك ولسان الايمان ونحن لا جراءة لنا على أن نقول ما قلته عن نفسك فيقول صدقتم هذا لسان الايمان فتقول طائفة منهم اقتربنا إلى سعادتنا فيقول سعادتكم قائمة بكم وما برحت معكم في حال طلبكم القربة إليها فإن لم تعلموا ذلك فقد جهلتم وإن علمتموه فما صدقتم إذا فلا قربة فإن قالت طائفة إنما اعتقدنا القربة إلى معرفة ذواتنا فيقول لهم الشئ لا يجهل نفسه لكنه لا يعرف أنه يعرف نفسه لأن معرفة الشهود تحجب عن معرفة المشهود فطلبكم القربة من معرفة ما هو معروف لا يصح فإن قالت طائفة ولا بد أن تقول إنما اعتقدنا القربة من معرفتك فيقول لهم كيف يعرف من ليس كمثله شئ فلو كان شيئا لجمعتهما الشيئية فيقع التماثل فيها إذا فلا شيئية له فليس هو شيئا ولا هو لا شئ فإن لا شئ صفة المعدوم فيماثله المعدوم في أنه لا شئ وهو لا يماثل فليس مثله شئ وليس مثله لا شئ ومن هو بهذه المثابة كيف يعرف فبطل اقترابكم إلى معرفتي فبطل أن يكونوا من المقربين فيقولون لا علم لنا إلا ما علمتنا أنك أنت العليم الحكيم فيقول أنتم رسل وحقيقة الرسول أن يكون بين مرسل ومرسل إليه وهو حامل إليهم رسالة ليعملوا بحكم ما تقتضيه تلك الرسالة فالرسول لما كانت مرتبته البينية كان أقرب من المرسل إليهم إلى الاسم الذي أرسله وكان المرسل إليهم أقرب إلى الاسم القابل لما جاء به الرسول من الرسول فالكل من المقربين فإن لم يقبلوا الرسالة كان الرسول من المقربين وكان المرسل إليهم غير متصفين بالقربة فكانوا من المبعدين (السؤال السادس والستون) إلى أين يأوون يوم القيامة من العرصة الجواب إلى ساق العرش ويوم القيامة له مواطن كثيرة فالرسل يأوون يوم القيامة من العرصة في كل موطن إلى الموضع الذي يكون فيه تجلى الحكم الإلهي الذي يليق بذلك الموطن فموطن للسؤال وموطن للموازين وموطن لاخذ الكتب وموطن للصراط وموطن للحوض فمواطن القيامة تكون الرسل فيها بين يدي الحق سبحانه كالوزعة بين يدي الملك وأقربهم منزلة من هو أدنى من قاب قوسين وهو التقاء قطري الدائرة ثم يأوون في السؤال العام إلى لا علم لنا وفي السؤال الخاص بحسب ما يقتضيه ذلك السؤال من الجواب وللحق سؤال في كل عرصة من عرصات القيامة فيأوون إلى الاسم الذي يتضمن الجواب عن ذلك السؤال الخاص (السؤال السابع والستون) كيف مراتب الأنبياء والأولياء يوم الزيارة الجواب أن الناس إذا جمعهم الله يوم الزيارة في جنة عدن على كثيب المسك الأبيض نصب لهم منابر وأسرة وكراسي ومراتب فالأنبياء على رتبتين أنبياء شرائع وأنبياء أتباع فأنبياء الشرائع في الرتبة الثانية من الرسل والأنبياء الأتباع في الرتبة الثالثة والرتبة الثالثة تنقسم قسمين قسم يسمى أنبياء وقسم يسمى أولياء والرتبة للأولياء بالاسم العام فإذا كان يوم الزيارة فكل نبي أخذ معرفة ربه من ربه إيمانا لم يشبها بنظر فكري فإنه يشاهد ربه بعين إيمانه والولي التابع له في إيمانه بربه يراه بمرآة نبيه فإن كان هذا الولي حصل معرفة ربه بنظره واتخذ ذلك قربة من حيث إيمانه فله يوم الزيارة رؤيتان رؤية علم ورؤية إيمان وكذلك إن كان النبي له في معرفته بربه نظر فكري له رؤيتان رؤية علم ورؤية إيمان فإن كان الولي من أولياء الفترات ولم يحصل له في معرفته بربه من المعارف الإلهية التي جاءت بها الرسل وكانت معرفتهم بربهم إما عن نظر وإما عن تجل إلهي لقلبه أو كلاهما فمثل هؤلاء يكونون بما هم أهل نظر في مرتبة أهل النظر في الرؤية وإن كانت
(٨٤)