حذفه من الكلمة فإن الترخيم التسهيل ومنه رخيم الدلال في وصف المعشوق المستحسن أي هو سهل ومثل الترخيم في المرخم هو أن تحذف الآخر من اسم المنادي فتقول إذا ناديت من اسمه حارث يا حار هلم فحذفت آخر الكلمة طلبا للتسهيل ولتعلم إن الأسماء وأسماء الأفعال على قسمين معرب ومبني فما تغير آخره بدخول العوامل سمي معربا والإعراب التغيير يقال أعربت معدة الرجل إذا تغيرت وقد تغير هذا الاسم من حال إلى حال هذا بعض وجوه اشتقاقه من كونه سمي معربا والمبني هو كل اسم لفعل كان أو لغير فعل ثبت على صفة واحدة لفظه ولم يؤثر فيه دخول العوامل التي تحدث التغيير في العرب عليه فسمي مبنيا من البناء لثبوته وعدم قبوله للتغيير وهذا له باب في الصفة الثبوتية للإله من كونه ذاتا ومن ثبوت نسبة الألوهية إليه دائما والمعرب له باب في المعارف الإلهية من قوله كل يوم هو في شأن وسنفرغ لكم أيها الثقلان فهذا الفرق بين المعرب والمبني فإذا رخم الاسم فقد ينتقل إعرابه إلى آخر ما يبقى من حروف الكلمة فتقول يا حار هلم بعد ما كانت الراء مكسورة نقل إليها حركة الثاء ليعرف السامع أنه قد حذف من الاسم حرف فإنه إنما يعرف المنادي اسمه إذا كان اسمه حارثا بالثاء فإذا حذف الثاء ربما يقول ما هو أنا فإذا نقل إلى الراء حركة الثاء علم أنه المقصود كذلك إذا نودي العبد باسم إلهي ربما يقع في نفسه أنه جدير بذلك الاسم فينقل وصف عبوديته إلى ذلك الاسم الإلهي الذي نودي به هذا العبد فيعرف أنه المقصود من كونه عبدا لاستصحاب الصفة له هذا إذا نقل وإذا لم ينقل حركة المحذوف من الاسم لما بقي وترك على حاله كان القصد في ذلك قصدا آخر وهو ترك كل حق على حقيقته حتى لا يكون لكون أثر في كون ولا يظهر لكون خلعة على كون ليكون المنفرد بذلك هو الله تعالى فإن الضمة التي على الثاء من حارث هي لباسه فإذا خلعها على الراء في الترخيم فقد خلع كون على كون فربما قصده المخلوع عليه بالعبودية له والثناء عليه والخلع على الحقيقة إنما هو للمتكلم المنادي لا لحرف الثاء فالمنادي هو الذي خلع على الراء الرفع الذي كان لحرف الثاء لما أزال عينه من الوجود كخلع القطبية والإمامة من الشخص الذي فقد عينه إلى الشخص الذي قام في ذلك المقام إذ كان الله هو الذي أقامه لا هذا الإمام الذي درج فهذا قد بينا في هذا المنزل بعض ما عندنا من أسراره ليقع التنبيه على ما فيه للطالب إن شاء الله تعالى والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السادس والسبعون ومائتان في معرفة منزل الحوض وأسراره من المقام المحمدي) الحوض منزل وصف الماء بالكدر * وهي العلوم التي تختص بالبشر فالماء في العين صاف ما به كدر * والقعر يظهر ما فيه من الكدر وعلة الرنق كون الفكر ينتجه * فاطلب من العلم ما يسمو عن الفكر إن الخيال إذا جاءته قيدها * بالفكر في عالم الأجساد والصور والفكر من صورها وقتا يخلصها * لكنه غير معصوم من الضرر فاطلبه بالذكر لا بالفكر تحظ به * منزها خالصا من شائب الغير اعلم أيها الولي الحميم نور الله بصيرتك وحسن سريرتك أن العلوم على قسمين موهوبة وهو قوله تعالى لأكلوا من فوقهم وهي نتيجة التقوى كما قال تعالى واتقوا الله ويعلمكم الله وقال إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا وقال الرحمن علم القرآن ومكتسبة وإليها الإشارة بقوله تعالى ومن تحت أرجلهم يشير إلى كدهم واجتهادهم وهم أهل الاقتصاد والضمير في أرجلهم يعود على الذين أكلوا من فوقهم وهم الذين أقاموا كتاب الله وما أنزل إليهم من ربهم وهم المسارعون في الخيرات وهم لها سابقون فمنهم من سبق بالخيرات ومنهم من أقام الكتاب من رقدته فإن التأويل من العلماء أضجعه بعد ما كان قائما فجاء من وفقه الله فأقامه من رقدته أي نزهة عن تأويله والتعمل فيه بفكره فقام بعبادة ربه وسأله أن يوقفه على مراده من تلك الألفاظ التي حواها الكتاب والتعريف من المعاني المخلصة عن المواد فأعطاهم الله العلم غير مشوب قال تعالى وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يعلمهم الحق ما يؤول إليه هذا اللفظ المنزل
(٥٩٤)