إلا لأهل الوقوف خاصة الذين هم في هول ذلك اليوم وأما المتصرفون فيه كالأنبياء والرسل والدعاة إلى الله وكالمستريحين من أهل المنابر الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر وكالمصونين في سرادقات الجلال خلف حجاب الأنس فهؤلاء كلهم وأمثالهم ما هم من أهل الوقوف فأهل الوقوف هم الذين ينتظرون حكم الله فيهم فيجيبونه عند هذا الكلام بما فهم كل واحد منهم (السؤال الرابع والستون) ما كلامه للموحدين الجواب يقول لهم فيما ذا وحدتموني وبما ذا وحدتموني وما الذي اقتضى لكم توحيدي فإن كنتم وحدتموني في المظاهر فأنتم القائلون بالحلول والقائلون بالحلول غير موحدين لأنه أثبت أمرين حال ومحل وإن كنتم وحدتموني في الذات دون الصفات والأفعال فما وحدتموني فإن العقول لا تبلغ إليها والخبر من عندي فما جاءكم بها وإن كنتم وحدتموني في الألوهة بما تحمله من الصفات الفعلية والذاتية من كونها عينا واحدة مختلفة النسب فبما ذا وحدتموني هل بعقولكم أو بي وكيفما كان فما وحدتموني لأن وحدانيتي ما هي بتوحيد موحد لا بعقولكم ولا بي فإن توحيدكم إياي بي هو توحيدي لا توحيدكم وبعقولكم كيف يحكم علي بأمر من خلفته ونصبته وبعد أن ادعيتم توحيدي بأي وجه كان أو في أي وجه كان فما الذي اقتضى لكم توحيدي إن كان اقتضاه وجودكم فأنتم تحت حكم ما اقتضاه منكم فقد خرجتم عني فأين التوحيد وإن كان اقتضاه أمري فأمري ما هو غيري فعلى يدي من وصلكم إن رأيتموه مني فمن الذي رآه منكم وإن لم تروه مني فأين التوحيد يا أيها الموحدون كيف يصح لكم هذا المقام وأنتم المظاهر لعيني وأنا الظاهر والظاهر يناقض الهوية فأين التوحيد لا توحيد في المعلومات فإن المعلومات أنا وأعيانكم والمحالات والنسب فلا توحيد في المعلومات فإن قلتم في الوجود فلا توحيد فإن الوجود عين كل موجود واختلاف المظاهر يدل على اختلاف وجود الظاهر فنسبة عالم ما هي نسبة جاهل ولا نسبة متعلم فأين التوحيد وما ثم إلا المعلومات أو الموجودات فإن قلت لا معلوم ولا مجهول ولا موجود ولا معدوم وهو عين التوحيد قلنا بنفس ما علمت أن في تقسيم المعلومات من يقبل هذا الوصف فقد دخل تحت قسم المعلومات فأين التوحيد فيا أيها الموحدون استدركوا الغلط فما ثم إلا الله والكثرة في ثم وما هم سواه فأين التوحيد فإن قلتم التوحيد المطلوب في عين الكثرة قلنا فذلك توحيد الجمع فأين التوحيد فإن التوحيد لا يضاف ولا يضاف إليه استعدوا أيها الموحدون للجواب عن هذا الكلام إذا وقع السؤال فإن كان أهل الشرك لا يغفر لهم فبحقيقة ما نالوا ذلك لأنه لو غفر لهم ما قالوا بالشريك فشاهدوا الأمر على ما هو عليه فإن قلت فمن أين جاءهم الشقاء وهم بهذه المثابة وإن عدم المغفرة في حقهم ثناء عليهم قلنا لأنهم عينوا الشريك فأشقاهم توحيد التعيين فلو لم يعينوا لسعدوا ولكن هم أرجى من الموحدين لدرجة العلم جعلنا الله ممن وحده بتوحيد نفسه جل علاه (السؤال الخامس والستون) ما كلامه للرسل الجواب ما قاله تعالى يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم فأووا إلى لا علم لنا فعلموا أنهم لما وجهوا دعوا إلى الله تعالى أممهم ظاهرا وباطنا بدعوة واحدة فلو كلفوا الظواهر لم يكن قولهم لا علم لنا جوابا ومن هنا لم يصح جميع فروع أحكام الشريعة من المنافق لأنه ما أجاب بباطنه لدعوته مثل ما أجاب بظاهره وصحت فروع أحكام الشريعة من العاصي المؤمن بباطنه فعلمنا أن المقصود للشرع الباطن ولكن بشرط مخصوص وهو أن يعم الايمان جميع فروع الأحكام وأصولها فإن آمن ببعض وكفر ببعض فلا يعتبر مثل ذلك الايمان وهو الكافر حقا فيقول الله تعالى للرسل ما ذا أجبتم إذا كان كلامه لهم في حق ما كلفهم من الدعوة إليه فإن أراد السائل ما كلامه للرسل فيما يختص بذواتهم من كونهم عبيدا مقربين فيكلمهم بما يكلم به المقربين من عباده فكلامه للرسل المقربين ممن اعتقدتم القربة هل اعتقدتم أن اقترابكم إلينا أو إلى سعادتكم أو إلى معرفة ذواتكم أو إلى معرفتي فإن اعتقدتم اقترابكم إلينا فقد حددتموني وأنا لا حد لي وهذا اللسان الذي أذكره في هذا الفصل إنما هو كلام الحق لمن دعا إلى الله على بصيرة كما قال أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فهذا لسان من اتبعه في دعوته إلى الله نيابة عنه فكأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله على بصيرة من حيث دعا الرسول لأنهم ورثة وإنما قلنا هذا لأن
(٨٣)