العبد التي يعلمها الحق وذكر العلانية التي يذكر العبد به ربه وأما العلم بما هو أخفى من السر فهو ما لا يعلمه إلا الله وحده لا علم لهذا العبد به ولا يمكن أن يعلمه إلا الله وهو علمه بنفسه وما عدا هذا العلم فهو إما علم سره أو علم علانية فمتعلق العلم ثلاثة أشياء الجهر والسر وما هو أخفى من السر ومتعلق الذكر أمران ذكر الملأ وهو نوعان ملأ الأسماء وملأ الملائكة والأمر الآخر ذكر النفس فتساوي الذكر مع العلم في التقسيم ومما يتضمن هذا المنزل كون الإنسان قد أودع الله فيه علم كل شئ ثم حال بينه وبين أن يدرك ما عنده مما أودع الله فيه وما هو الإنسان مخصوص بهذا وحده بل العالم كله على هذا وهو من الأسرار الإلهية التي ينكرها العقل ويحيلها جملة واحدة وقربها من الذوات الجاهلة في حال علمها قرب الحق من عبده وهو قوله تعالى ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون وقوله ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ومع هذا القرب لا يدرك ولا يعرف إلا تقليدا ولولا إخباره ما دل عليه عقل وهكذا جميع ما لا يتناهى من المعلومات التي بعلمها هي كلها في الإنسان وفي العالم بهذه المثابة من القرب وهو لا يعلم ما فيه حتى يكشف له عنه مع الآنات ولا يصح فيه الكشف دفعة واحدة لأنه يقتضي الحصر وقد قلنا إنه لا يتناهى فليس يعلم الأشياء بعد شئ إلى ما لا يتناهى وهذا من أعجب الأسرار الإلهية أن يدخل في وجود العبد ما لا يتناهى كما دخل في علم الحق ما لا يتناهى من المعلومات وعلمه عين ذاته والفرق بين تعلق علم الحق بما لا يتناهى وبين أن يودع الحق في قلب العبد ما لا يتناهى إن الحق يعلم ما في نفسه وما في نفس عبده تعيينا وتفصيلا والعبد لا يعلم ذلك إلا مجملا وليس في علم الحق بالأشياء إجمال مع علمه بالإجمال من حيث إن الإجمال معلوم للعبد من نفسه ومن غيره فكل ما يعلمه الإنسان دائما وكل موجود فإنما هو تذكر على الحقيقة وتجديد ما نسيه ويحكم هذا المنزل على إن العبد أقامه الحق في وقت ما في مقام تعلق علمه بما لا يتناهى وليس بمحال عندنا وإنما المحال دخول ما لا يتناهى في الوجود لا تعلق العلم به ثم إن الخلق أنساهم الله ذلك كما أنساهم شهادتهم بالربوبية في أخذ الميثاق مع كونه قد وقع وعرفنا ذلك بالأخبار الإلهي فعلم الإنسان دائما إنما هو تذكر فمنا من إذا ذكر تذكر أنه قد كان علم ذلك المعلوم ونسيه كذي النون المصري ومنا من لا يتذكر ذلك مع إيمانه به أنه قد كان يشهد بذلك ويكون في حقه ابتداء علم ولولا أنه عنده ما قبله من الذي أعلمه ولكن لا شعور له بذلك ولا يعلمه إلا من نور الله بصيرته وهو مخصوص بمن حاله الخشية مع الأنفاس وهو مقام عزيز لأنه لا يكون إلا لمن يستصحبه التجلي دائما ويتضمن هذا المنزل مسائل ذي النون المشهورة وهي إيجاد المحال العقلي بالنسب الإلهية ويتضمن علم المفاضلة بين المتنافرين من جميع الوجوه ويتضمن أن كل جوهر في العالم يجمع كل حقيقة في العالم كما إن كل اسم إلهي مسمى بجميع الأسماء الإلهية وذلك قوله تعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى وهذا العلم خاصة انفردت به دون الجماعة في علمي فلا أدري هل عثر عليه غيري وكوشف به أم لا من جنس المؤمنين أهل الولاية لا جنس الأنبياء وأما في الأسماء الإلهية فقد قال به أبو القسم بن قسي في خلع النعلين له فرحم الله عبدا بلغه إن أحدا قال بهذه المسألة عن نفسه كما فعلت أنا أو عن غيره فيلحقها بكتابي هذا في هذا الموضع استشهاد إلي فيما ادعيته فإني أحب الموافقة وأن لا أنفرد بشئ دون أصحابي والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثامن والتسعون ومائتان في معرفة منزل الذكر من العالم العلوي في الحضرة المحمدية) زهر المعارف من زهر الرياضات * وزهر روضك من زهر السماوات فللجسوم علوم ليس يشبهها * علم النفوس لأسباب وآفات حقائق الحق لا تخفى مداركها * لأن إدراكها للذات بالذات وما سواها فإدراك بواسطة * بما يراه من أعلام وآيات هزل الأكابر جد عن مشاهدة * في طيه عندهم مكر الكرامات امهالهم ليس إهمالا لعلمهم * بأن ذلك مربوط بأوقات إن الرجال وإن حققت نسبتهم * إلى أب واحد أولاد علات
(٦٨٦)