الواحدة من البصر نعم من أحكام المرئيات من حيث الرائي إلى الفلك الأطلس جميع ما يحوي عليه ما أدركه البصر في تلك اللمحة من الذوات والأعراض القائمة بها من الأكوان والألوان وفي العبادات كل مصل والخلق كله مصل من حيث دعى يناجي ربه في الآن الواحد كذلك أمره في الوقوف مع كون ذلك بالمقدار الزماني خمسين ألف سنة من أيام الدنيا وهو يوم ذي المعارج ويوم الرب من يوم ذي المعارج مثل نصف خمس الخمس فالأيام وإن اختلفت مقاديرها وعدها اليوم الشمسي فإن أمر الله فيها مثل لمح البصر للأفهام والتوصيل وربما هو في القلة أقل من هذا المقدار بل مقداره الزمان الفرد المتوهم الذي هو يوم الشأن فالشأن بالنظر إلى الحق واحد منه وبالنظر إلى قوابل العالم كله شؤون لولا الوجود حصرها لقلنا إنها لا نهاية لها فانظر الحكم الواحد من الحاكم كيف تعدد وعظم بحيث لا يمكن أن يحصره عدد من حيث العالم وإنما يحصيه من أحاط بكل شئ علما وأحصى كل شئ عددا فكما صارت الخمسون ألف سنة كيوم واحد وفي يوم واحد كذلك صار أمره كلمح البصر وسبب ذلك أن الذي يصدر منه الأمر لا يتقيد فهو في كل مأمور بحيث أمر فينفذ الأمر بحكمه دفعة واحدة وهذا إذا لم يبعد في المحدثات وجوده بهذه السعة فما ظنك بالأمر الحق فإن الهواء حكمه في كل شئ من العالم الطبيعي أسرع من لمح البصر وهو واحد كالإنسان الواحد وكذلك الروح الأمري في العقول وفي الأجسام الطبيعية فمثل هذا لا يستبعده إلا من لا علم له بالأمور والحقائق ولا سيما وإن أعاد الضمير في سؤاله من أمره على الضمير المذكور في سورة القمر وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر وهو الذي أراد والله أعلم مع أنه يسوع أن يعود على الوقوف وعلى الخوض فإن الزمان الواحد يجمع الخائضين في خوضهم والله الهادي من شاء إلى الحق وإلى طريق مستقيم (السؤال الثاني والستون) أمر الساعة كلمح البصر أو هو أقرب الجواب سميت الساعة ساعة لأنها تسعى إلينا بقطع هذه الأزمان لا بقطع المسافات وبقطع الأنفاس فمن مات وصلت إليه ساعته وقامت قيامته إلى يوم الساعة الكبرى التي هي لساعات الأنفاس كالسنة لمجموع الأيام التي تعينها الفصول باختلاف أحكامها فأمر الساعة وشأنها في العالم أقرب من لمح البصر فإن عين وصولها عين حكمها وعين حكمها عين نفوذ الحكم في المحكوم عليهم وعين نفوذه عين تمامه وعين تمامه عين عمارة الدارين فريق في الجنة وفريق في السعير ولا يعرف هذا القرب إلا من عرف قدرة الله في وجود الخيال في العالم الطبيعي وما يجده العالم به من الأمور الواسعة في النفس الفرد والطرفة ثم يرى أثر ذلك في الحس بعين الخيال فيعرف هذا القرب وتضاعف السنين في الزمن القليل من زمان الحياة الدنيا ومن وقف على حكاية الجوهري رأى عجبا وهو من هذا الباب فإن قلت وما حكاية الجوهري قلنا ذكر عن نفسه أنه خرج بالعجين من بيته إلى الفرن وكانت عليه جنابة فجاء إلى شط النيل ليغتسل فرأى وهو في الماء مثل ما يرى النائم كأنه في بغداد وقد تزوج وأقام مع المرأة ست سنين وأولدها أولادا غاب عني عددهم ثم رد إلى نفسه وهو في الماء ففرع من غسله وخرج ولبس ثيابه وجاء إلى الفرن وأخذ الخبز وجاء إلى بيته وأخبر أهله بما أبصره في واقعته فلما كان بعد أشهر جاءت تلك المرأة التي رأى أنه تزوجها في الواقعة تسأل عن داره فلما اجتمعت به عرفها وعرف الأولاد وما أنكرهم وقيل لها متى تزوج فقالت منذ ست سنين وهؤلاء أولاده مني فخرج في الحس ما وقع في الخيال وهذه من مسائل ذي النون المصري الستة التي تحيلها العقول فلله قوى في العالم خلقها مختلفة الأحكام كاختلاف حكم العقل في العامة من حكم البصر من حكم السمع من حكم الطعم وغير ذلك من القوي التي في عامة الناس فاختص الله أولياءه بقوى لها مثل هذه الأحكام فلا ينكرها إلا جاهل بما ينبغي للجناب الإلهي من الاقتدار وفي معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيه كفاية في هذا الباب مع بعد هذه المسافات التي قطعها في الزمان القليل (السؤال الثالث والستون) ما كلام الله تعالى لعامة أهل الوقوف الجواب يقول لهم ما جئتم به فيقع في أسماع السامعين ذلك مختلفا باختلاف أحوالهم فتختلف أحوالهم بأسماعهم بل تختلف أسماعهم بحسب أحوالهم في الموقف ولا يحصل في سمع واحد منهم ما حصل في سمع الآخر وهو السؤال عن النفس الذي قبض فيه ولا يكون هذا الكلام
(٨٢)