له لا من كونها معذبة به والوجه الجامع بين المسألتين وجود الحكم المضاف إلى المعنى في غير المحل الذي قام به ذلك المعنى وهل العلم مثل الإرادة في هذا الباب وغيره من الصفات أم لا فيقوم العلم بزيد ولا يعلم به زيد ويعلم به عمر وهذا محال عقلا ولكن هذا المنزل يحكم بوقوع ذلك فإن أردت تأنيس النفس لقبول ما أعطاه هذا المنزل في هذه المسألة فانظر ما أنت مجمع عليه مع أصحابك إن الحق سبحانه يتعالى عن الحلول في الأجسام فإن الإنسان إنما يبصر ببصره القائم بجارحة عينه في وجهه ويسمع بسمعه القائم بجارحة أذنه ويتكلم بالكلام الموجود في تحريك لسانه وتسكينه وشفتيه ومخارج حروفه من صدره إلى شفتيه ثم إن هذا الشخص يعمل بطاعة الله تعالى الزائدة على فرائضه من نوافل الخيرات فينتج له هذا العمل نفي سمعه وبصره وكلامه وجميع معانيه من بطش وسعي التي كانت توجب له أحكامها فكان ينطلق عليه من أحكامها سميع بصير متكلم إلى غير ذلك فصار يسمع بالله بعد ما كان يسمع بسمعه ويبصر بالله بعد ما كان يبصر ببصره مع العلم بأن الله يتقدس أن تكون الأشياء محلا له أو يكون هو محلا لها فقد سمع العبد بمن لم يقم به وأبصر بما لم يقم به وتكلم بما لم يقم به فكان الحق سمعه وبصره ويده فهكذا وجود العذاب في المحال التي لم تقم بها الصفة التي يكون حكمها العذاب كما قد ثبت أن الصفة تعطي خلاف حكمها في المحل وأنت القائل به ولا فرق بين المسألتين وقد أنشد في ذلك صاحب محاسن المجالس فهل سمعتم بصب * سليم طرف سقيم * منعم بعذاب * معذب بنعيم وأنشد أبو يزيد الأكبر طيفور بن عيسى البسطامي يخاطب ربه عز وجل أريدك لا أريدك للثواب * ولكني أريدك للعقاب وكل ما ربي قد نلت منها * سوى ملذوذ وجدي بالعذاب فطلب اللذة في العذاب وهذا عكس الحقائق في العقل ولكن أهل الكشف والذوق وجدوا أمورا أحالها العقل وإن كنا نعرف نحن ما قاله القائلان في شعرهما ومن هذا الباب قال الله للنار كوني بردا وسلاما والنار لا تكون بردا في العقل إذ لو كانت بردا لبطلت الحقائق أن تكون حقائق فقد جاء الذوق في تجليه بخلاف ما يعطيه العقل وإن كنا نحن نعرف ما قاله الحق في ذلك ولمن خاطب به ولكن جئنا بذلك تأنيسا للمريد ليتحقق أن الله على كل شئ قدير وأن قدرته مطلقة على إيجاد المحال لو شاء وجوده كما ذكره في كتابه عن نفسه ما هو محال في العقل بما يعطيه دليله فقال لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار فألحقه بدرجة الإمكان بالنسبة إلى المشيئة الإلهية والعقل قد دل على إن ذلك محال لا من كونه لم يرده فكانت هذه الآية أولها جرح جرح به العقل في صحة دليله ليبطله ثم داوى ذلك الجرح في آخر الآية بقوله سبحانه أي هو المنزه أن يكون لأحديته ثان غير أن في قوله القهار أسرارا من اعتبرها لمن يكون قهارا وجميع الأفعال إنما هي أحكام أسمائه في الكون فلا فعل لأحد إلا لله فالأفعال كلها من الاسم القادر والقاهر فما يقهر بالاسم القاهر إلا موجد ذلك الفعل في الكون وهو أثر القاهر فما قهر إلا نفسه وهو أثر الاسم القادر فما قهر إلا الاسم القادر وهو المشارك له في وجود العين فما قهر القاهر القادر إلا بالاسم القادر فالقادر نفسه قهر بالاسم القاهر إلا أن يكون القهر بالمنع لا بالإيجاد فيكون عند ذلك القهر مضافا إلى الاسم المريد ولكن ما يمنع إلا بالاسم القاهر للعين التي تهيأت لقبول الوجود فقهرتها المشيئة وأخرتها عن الوجود لأن لها الترجيح فقد حصلت لك بما أوردته من الأنس في قبول هذه المسألة ما فيه كفاية فيما تعطيه طريقة القوم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الأحد والثمانون ومائتان في معرفة منزل الضم وإقامة الواحد مقام الجماعة من الحضرة المحمدية) صلاة العصر ليس لها نظير * لنظم الشمل فيها بالحبيب هي الوسطى لأمر فيه دور * محصلة على أمر عجيب وما للدور من وسط تراه * ولا طرفين في علم اللبيب
(٦١٤)