سوى لفظة الله الله كان لا يقول لا إله إلا الله فسألته عن ذلك فقال إن روحي بيد الله ما هي في حكمي وفي كل نفس أنتظر الموت واللقاء وكل حرف من حروف الكلام نفس فيمكن إذا انصرف أن تكون المفارقة في انصرافه ولا يأتي من الله بعده نفس آخر فإذا قلت لا أو عشت حتى أقول لا إله ثم أفارق قبل الوصول إلى الإيجاب فأقبض في وحشة النفي لا في أنس الإيجاب فلهذا عدلت إلى ذكر الجلالة إذ ليس لي مشهود سواه فمن كان هذا حاله فلا بد أن يستحيي في قوله لا إله إلا الله وهو أشد الحياء فكانت أرفع شعب الايمان فكانت أرفع شعب الحياء من الله حيث نظر إلى نفسه قبل نظره إلى خالقه وهو قوله ص من عرف نفسه عرف ربه وقوله سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق إذ كان عين ما نفى عين ما أثبت فإنه ما نفى إلا الإله ولا أثبت إلا الإله وأما حياؤه في إماطته الأذى عن طريق الخلق فإنه مأمور بإماطته ثم إنه يرى وجه الحق فيه بالضرورة لأنه أدنى المراتب فهو بمنزلة الآخر من الأسماء الإلهية وإليه ينظر كما كان لا إله إلا الله الاسم الأول وجاءت الهوية فأخذت الإسمين لها فقالت هو الأول والآخر فبقي مترددا بين حق ما يستحقه الاسم الآخر الظاهر في كون هذا أذى في طريق الخلق ويرى أن الخلق متصرفون بأسماء إلهية بين هذين الإسمين فلا تقع عين هذا المؤمن إلا على الله أولا وآخرا وما بينهما والأمر متوجه عليه بالإماطة فيستحيي من الأمر أن لا يبادر لما أمره به من الإماطة ويستحيي من الاسم الآخر الذي يراه في عين الأذى فإذا أدركه هذا الحياء ناداه الاسم من الأذى يا فلان بي تميط هذا الأذى عن طريق الخلق فإنا في الأذى كما أنا في الإماطة ما أزلته بغيري فلا تستحي انظر في قوله أدناها إماطة الأذى فعلق الأذى بالإماطة وهو آخر درجات الايمان فنحن في عين الإماطة ما نحن غيرها فيتجبر عند ذلك صاحب هذه الحال فيميطه به كما نفى الإله بالإله وإذا كان حال العبد في حيائه من الله في الأول والآخر والأعلى والأدون انحصرت المتوسطات بين هذين الطرفين فكان معصوم الحال محفوظ المقام كالصلاة تحريمها التكبير وتحليلها التسليم فظهرت المنة في الطرفين ليسلم الوسط بينهما وسبب ذلك الحصر فتبين لك بعد ما أوقفتك عليه من الحقائق أن الحياء من الله أن يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك فعم بهذا جميع شعب الايمان وهو مقام يصحبه الأمر والنهي والتكليف فإذا انقضى زمان التكليف كان ينبغي له أن يزول وليس الأمر كذلك فاعلم أنه من حقيقة وجود الحياء وجود العلم بما يجب لله تعالى وأنت القائم به والمطلوب عقلا وشرعا ومحال أن يقدر مخلوق على الوفاء بما يجب لله تعالى عليه من تعظيمه عقلا وشرعا ولا بد له من لقاء ربه وشهوده ومقامه هذا فالحياء يصحبه في الدنيا والآخرة لأنه لا يزال ذاكرا لما يجب عليه وذاكر العدم قيامه في حق الله بما يجب له وقد ورد في الخبر ما يؤيد هذا أن الحق إذا تجلى لعباده يوم الزور الأعظم ويرفع الحجب عن عباده فإذا نظروا إليه جل جلاله قالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك فهذا الاعتراف أوجبه الحياء من الله عز وجل فالحياء أنطقهم بذلك (الباب التاسع والثلاثون ومائة في معرفة مقام ترك الحياء) ترك الحياء تحقق وتخلق * جاءت به الآيات في القرآن فله النفاسة والنزاهة عندنا * إذ لا تخاف بمنزل العدوان هذي هي الدنيا وأنت إمامها * وعبيدها بالنقص والرجحان فإذا فهمت الأمر يا هذا فكن * مثل اللسان بقية الميزان لا تعدلن إلى الشمال فإنه * نقص ومل طلبا إلى الايمان فهو الكمال لمن تحقق حالة * الإسلام والايمان والإحسان ترك الحياء في موطنه نعت إلهي قال الله تعالى إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما وسبب ذلك من وجهين إما أن يكون ما في الوجود إلا الله فالوجود كله عظيم فلا يترك منه شئ لأن الحياء ترك فهو نعت سلبي وترك الترك تحصيل فهو نعت ثبوتي فلا إله نعت سلبي وإلا الله نعت ثبوتي فما جئنا بالسلب إلا من أجل الإثبات فما جئنا بالحياء إلا من أجل تركه فإن الحياء للتفرقة وترك الحياء لأحدية الجمع لا للجمع هذا هو الوجه الواحد وإما أن يكون في الوجود أعيان
(٢٢٥)