هل هو بالذات على حكم من * يراه أو بالوصف يا عاقل اعلم أيدك الله لما كانت الصحبة تطلب المناسب وهو يقول ليس كمثله شئ ودليل العقل يقضي به فله السيادة والعالم عبيد فخدمة لا صحبة وإنما امتنعت الصحبة من الطرف الواحد وصحت من الطرف الآخر لما نذكره فالحق ليس بصاحب لا حد من المخلوقين إلا بالصحبة التي أرادها الشارع في قوله أنت الصاحب في السفر بذلك المعنى كما اتخذناه وكيلا فيما هو ملكه ولأنه الفعال لما يريد كما قال ما يكون فعالا لما تريد أنت إلا إن توافق إرادتك إرادته وما تشاءون إلا أن يشاء الله أن تشاؤا فمن حيث إنه أراد فعل لا من حيث إنك أردت والصاحب من يترك إرادته لإرادة صاحبه وهذا في جناب الحق محال فلا يصحب الرب إلا ربوبيته لكن يصحبه العالم لصحة هذا الشرط منه فمن صحبه من العالم ترك إرادته وغرضه ومحابه ومراضيه لإرادة سيده وإن كره ذلك العبد فإن دعواه في الصحبة تجعله أن يوافق ويحمل ذلك وكذلك النبي لا يصحب إلا نبوته فإنه لا يتمكن للنبي أن يكون مع صاحبه بحيث ما يريد صاحبه منه وإنما هو مع ما يوحى إليه به لا يفعل إلا بحسبه فيصحب ولا يصحب ولهذا ليست الصحبة فعل فاعلين وكذلك الملك لا يصحب سوى ملكه فيصحب أيضا ولا يصحب فإن الناس مع الرسول في صحبتهم بحكم ما يشرع لهم ما هم بحكم إرادتهم برهانه فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فلذلك صحبوه وما صحبهم والورثة أهل الإلقاء الإلهي يصحبون ولا يصحبون فإنهم مع ما يلقي الله إليهم كتقرير حكم المجتهد يحرم عليه العدول عنه فلا يصحب مؤمن مؤمنا أبدا لأنه لا يمكن له لوفاء معه على الإطلاق بحق الصحبة فإن المؤمن تحت حكم شرعه قال رسول الله ص لو أن فاطمة بنت محمد سرقت قطعت يدها فالمحكوم عليه لا يمكن أن يكون صاحبا لأحد كالعبد لا يتمكن له أن يصحب غير سيده لأنه ما هو بحكم نفسه فيمشي على أغراض صاحبه بل هو بحكم سيده فالصحبة لا تصح إلا من الطرف الواحد وهو الأدنى وقد نبهناك فاعلم وقف عند حدك حتى تعلم أنك صاحب أو مصحوب فاعمل بحسب ذلك والكامل من لا يزال صاحبا أبدا (الباب الثاني والسبعون ومائة في معرفة مقام التوحيد) دمية في القلب قد نصبت * ما لها روح ولا جسد كتبت فيه عقيدتها * بمداد كله جسد أحد ما مثله أحد * بجمال النعت منفرد مصدر الأكوان حضرته * وهو لا شفع ولا عدد الذي قام الوجود به * أمرنا عليه ينعقد وأنا العبد الفقير به * وهو المحسان والصمد فأعجبوا من حكمة وجدت * نعم والرحمن ما وجدوا حكمة تحوي على حكم * نالها الحساد إذ حسدوا أبد يعنو إلى أزل * أزل يمده الأبد كل من يجري إلى أمد * سيرى وما له أمد هكذا التوحيد فاعتبروا * واحد في واحد أحد اعلم أن التوحيد التعمل في حصول العلم في نفس الإنسان أو الطالب بأن الله الذي أوجده واحد لا شريك له في ألوهيته والوحدة صفة الحق والاسم منه الأحد والواحد وأما الوحدانية فقيام الوحدة بالواحد من حيث إنها لا تعقل إلا بقيامها بالواحد وإن كانت نسبة وهي نسبة تنزيه فهذا معنى التوحيد كالتجريد والتفريد وهو التعمل في حصول الانفراد الذي إذا نسب إلى الموصوف به سمي الموصوف به فردا أو منفردا أو متفردا إذا سمي به فالتوحيد نسبة فعل من الموحد يحصل في نفس العالم به إن الله واحد قال تعالى لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا وقد وجد الصلاح وهو بقاء العالم
(٢٨٨)